التاريخ المعاصر

إنتفاضة الأوراس 1916 , الثورة المنسية

اليوم 11 نوفمبر 2016 ,  يكون قد مرّ قرنٌ كامل عن إنتفاضة الأوراس 1916 , ثورةٌ من أهم الثورات الشعبية الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي يستمر في تجاهلها التاريخ الرسمي  وتتغاضى عن ذِكرها المقررات التدريسية والمناهج التربوية.

أسباب الثورة 
تعود أسباب الانتفاضة إلى عدة عوامل منها تدهور الأوضاع الاجتماعية السياسية والاقتصادية والتي أثرت تأثيرا مباشرا على إيشاوين  الذين كانوا يعيشون أوضاعا سيّئة جدا بفعل المجاعات والأوبئة والقوانين الجائرة , منها قانون الأهالي إلى جانب انتشار الفقر وغلاء المعيشة.
وفوق هذا كله ، فإن الاستياء الكبير الذي انتشر لدى إيشاوين بسبب صدور قانون التجنيد الإجباري في عام 1912 ،و الذي يُعد الشرارة التي فجرت الأوضاع. ومن جهة أخرى ، فقد كان لـمصادرة أراضي السكان في مطلع القرن العشرين بعين التوتة ومروانة وسريانة و مناطق أخرى ببلاد إيشاوين , لإنشاء مراكز توطين للمهاجرين الأوروبيين وتأسيس البلديات المختلطة منها بلدية بلزمة عام 1904 ، أثر بالغ في اندلاع الاضطرابات في المنطقة .
في ليلة 11 إلى 12 نوفبر قام مجموعة من الثوّار بقيادة الثائر “بن نوي” بمهاجمة برج ” عين التوتة ” الإداري  وخرّبوه بعد أن فرّت حاميته العسكرية الفرنسية و قتلو نائب عمالة باتنة  Cassinelli  و رئيس البلدية Marseille  , وفي اليوم الموالي حاصرو مدينة بريكة و خربوا خطوط الهاتف والتلغراف والجسور.
سرعان ما إمتدت الإنتفاضة إلى مدن ومداشر الأوراس الكبير حينما قام ما يسمون آنذاك ب “لصوص الشرف” بقيادة العمليات , “بن نوي” بمنطقة “المتليلي” , الأخوين ” عڨون مُوحند أوفروج” و “بن الطاهر” في منطقة “بلزما” , الثائر “شعبان” (عمر أُو مخلُوف)  بجبل “بوعريف” , الأخوين “علي” و “مسعوذ أو ڨزلماظْ” بشمال جبال الأوراس , و “بُومصران” بجنوبه .
إستهدف الثائرون أعوان الإدارة الإستعمارية و مزارع المُعمِرين في “عين التوتة” , “عين فكرون” , و “الشمرة” …إلخ , وفي 5 ديسمبر 1916 جرت معركة شهيرة بجبل “مستاوا” حين هاجم الثوار كتيبة فرنسية و قتلو منها 20 عسكريا .
في 21 ديسمبر ب”ثيكرشت” (عين كرشة)  نصب الثوار كمينا لحاكم عمالة “هامليلت” (عين مليلة) وقتلو أحد حراسه .
أمام تفاقم الوضع وامتداد نطاق الانتفاضة ، طالب الحاكم العام في الجزائر بإمدادات عسكرية و ألغى الإدارة المدنية،ووضعها تحت النظام العسكري بقيادة الجنرال Bonneval .
نتائجها 
كان إنتقام القوات الفرنسية على مستوى سمعتها الإجرامية , حيث  إرتكب الجيش الفرنسي  من نوفمبر 1916 حتى نهاية ماي 1917 أبشع الجرائم ضد السكان العزل انتقاما منهم على استمرار الـمقاومة. ولعل أكبر دليل على ما اقترفته الأيادي الفرنسية خلال هذه الفترة هو تقرير اللجنة البرلـمانية الفرنسية التي تطرقت للسياسة التي مارسها الفرنسيون والتي إعتمدت على سياسة العِقاب الجماعي ، والأرض المحروقة ومصادرة أملاك السكان .
و حسب لجنة التحقيق البرلمانية , قامت القوات الإستعمارية بإعتقال 2904 ثائرا ووجهت لهم تـُهم التمرد وإثارة الاضطرابات وقُدِّم إلى المحاكم 825 شاويّا ، سلطت على 805 منهم ما يقارب 715 سنة سجنا بينما وجه 165 إلى المحاكم العربية في قسنطينة ، و45 إلى محكمة باتنة التي أصدرت بحقهم 70 سنة سجنا. وقد فرضت على المحكوم عليم غرامات مالية تقدر بـ 706656 فرنك فرنسي ، وصادرت الإدارة الاستعمارية حوالي 3.759 بندقية صيد قديمة و7.929 رأس غنم و4.511 رأس معز و266 رأس بقر.

تتميز إنتفاضة 1916 بأنها أول ثورة شعبية لم تكن وراءها الطرق الدينية و الزوايا , وتُعرف بإسماء عِدة منها : “ثورة مستاوا” , “ثورة آيث سلطان” ,”ثورة آيث عوف” (نِسبة لدوّار آيث عوف الذي كان معقلا من معاقل الإنتفاضة) أو “آسوُڨاسْ ن ساليڨاَنْ” (نسبة للمُجندين السنغاليين في الجيش الفرنسي).
يَعتبر المؤرخون إنتفاضة 1916 بالأوراس من أهم محطات المقاومة الشعبية الجزائرية ,  ظهر أثنائها لأول مرة  شعار ” إستقلال الجزائر” عندما إجتمع ثوار إيشاوين  ليُعلنو الجهاد ضد المستعمر الفرنسي و يُوقعو شهادة ميلاد الجمهورية الجزائرية .

يوغرطا حناشي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى