بيئة

إيغزر نثاقّا تزعزع عرش الشكارة والسلطة…

ڨاسمي فؤاد - مدوّن
ڨاسمي فؤاد – مدوّن

في استعراض فريد من نوعه لقوّة الوعي، وقوّة الحراك المرتبط به في إيغزر نثاقا، ورغم حرارة الشمس، حرّكَ اليوم الآلاف من مواطني إيغزر نثاقا (واد الطاقة-باتنة) والناشطين من مختلف أنحاء بلاد إيشاويّن في وسط المدينة، مسيرة هائلة ضدّ مصنع الإسمنت الذي يصرّ أصحاب الشكارة المتحالفين مع الإدارة المحليّة والمركزيّة، على إنشائه في منطقة إيغزر نثاقا، وسط مناظر طبيعية خلّابة ومجال فلاحيّ جدّ خصب، وجدّ منتج، وفي عقر دار المحميات البيئية والموارد المائية الباطنيّة.

لمسافة طويلة، سار الشيوخ والشباب جنبا إلى جنب يردّدون شعارا واحدا: “ولاش .. ولاش .. ولاش لوزين .. ولاش!” (لا لمصنع الإسمنت). صورة في القمّة، عبّرت بوضوح عن إرادة شبابيّة صلبة تدعمها قدرة استثنائيّة على الحشد، يتمتّع بها نشطاء إيغزر نثاقّا، الذين نجحوا في جمع عدد هائل من النشطاء والمهتمّين الذين التفّوا حول القضيّة اليوم، في إيغزر نثاقّا.

لأكثر من ساعتين، وبعد مسيرة متعبة، التفّ آلاف المشاركين حولَ مكان نصب منصّة نشّط من عليها الشباب الوقفة، التي تدخّل وألقى بها بعض النشطاء الشباب ووجوه المدينة كلمات تحمّس لها الجمهور، معبّرين ومؤكّدين على رفضهم القاطع لإقامة مصنع الإسمنت، وإصرارهم على إفشال المشروع الكارثيّ الذي سيقضي على أرزاق أغلبية ساكنة المنطقة، ويلوّث مواردهم المائيّة ويدمّر البيئة في منطقتهم. وعي بيئي عالٍ وانسجام كبير ميّز الوقفة، التي شارك فيها نشطاء ومواطنون من ولايات : خنشلة، أم البواقي، باتنة، وتبسة؛ كما شارك الناشط في الحراك الآمازيغي، والعضو في المجلس الشعبي البلدي لبلدية “تازقّاغث” : محمد عجرود، وحضرتها نائبة المجلس الشعبي الوطنيّ عن ولاية تبسة: سميرة ضوايفية، المنتميّة إلى الحزب الإخواني “حمس” والتي يبدوا أن مكتب حزبها النشط في ولاية باتنة، قد استغلّ القضيّة للتّرويج لها، لا لمشاركة المعارضين موقفهم المشرّف…

الغريب في الأمر، كان الغياب التامّ لأي فردٍ بزيّ رسمي من قوات الأمن، رغم ضخامة العدد. أما الطريف، بل لنقل : المعتاد، كان الغياب التّام لوسائل الإعلام “الثقيلة” التي اكتفت الشعبوية منها بإرسال مراسلين قاموا بتصوير مشاهد سريعة وانصرفوا إلى مشاغلهم، على ما يبدوا! بينما غاب تماما وجود “السياسيين” و”البرلمانيين” الممثلين للولاية والممثلين للولايات المجاورة، في عرض واضح لمساندتهم “إرادة السلطة” كالعادة، وتغاضيهم عن تجاوزات تهلك الأخضر واليابس في منطقة ولدوا ونشؤوا بها…

بيان المسيرة الختامي، الذي جاء شديد اللهجة أكّد على مطالبة سكان إيغزر نثاقا والمناضلين المشاركين في المسيرة “بوضع سياسة استثمارية واضحة حامية للبيئة والإنسان، ومراعية لخصوصية المنطقة، مع احترام الاستشارات الشعبية في هذا الميدان” وثمّن الجمع الغفير الذي شارك في المسيرة.

خطوة أخرى تضاف إلى رصيد نشطاء إيغزر نثاقا، والنشطاء المساندين لهم من مختلف أنحاء آوراس آمقران، في محفل أثبت فيه الشباب الشاوي مرّة أخرى، أنَّ ثقافة الصور مع الأعلام، وثقافة التصفيق في المحافل لا وجود لها، في أذهان جيل سيخرجُ إلى النّور قريبا، بـ: “ثورة” تزعزع عرش الشكارة، وتهزّ أركان السلطة المركزيّة والمحليّة التي مارست لعقود من الزمن، سياسة “تدمير” ممنهج لكلّ قدرات بلاد إيشاويّن.

باسم عابدي

مهتم بالتاريخ بصفة عامة، أطلقت "المكتبة الرقمية الأمازيغية" سنة 2013، وهي مخصصة لتاريخ وثقافة الأمازيغ. وساهمت سنة 2015 في تأسيس "البوابة الثقافية الشاوية"، المعروفة بـ إينوميدن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى