انثروبولوجياميثولوجيا

الأعياد و الحفلات، الطقوس و العادات عند إيشاوين

“إن الشعب الذي يريد الرّقي يجب عليه أن لا يقطع الصلة التي تربطه بماضيه أي يجب أن يحترم تقاليده و يراعيها…”

                                                                                        الدكتور قوسطاف ليون[1].

يماس نواوراس
يماس نواوراس

اللغة من لغو و نعتقد أن أصلها إغريقي Logus – لوغيس[2] و دخلت العربية كغيرِها من الفارسية و اليمنية و السريانية و العبرية قبل الإسلام. و لا تعني سوى اللسان و يقابلها في العربية لهج : و معناها طرف اللسان أو اللسان كله. و ثشاويث (اللهجة الشاوية) إحدى اللهجات الكبرى لِـ همَازِيغْث (تامازيغت/الأمازيغية) و معبرة عن كل شيء و أصلها لا متناهي في القدم لامتدادها لإحدى الأمم السّبعة الأقدم[3]  في العالم و إلى أحد الأصول من 34 شعبًا الأقدم تواجدًا في العالم و المعمورة[4].

و إذا ثبت بأن الإنسان الأوراسـي و النوميدي (الشاوي) موجود بالدلالة الأثرية –علم الآثار– من أدواته التي عثر عليها في “ثيطْ نْوَلْفَسْ” (عين لحنش) قرب لعلما بـسطيف و التي تمتد قِدَمًا إلى مليونين و ثماني مائة ألف سنة[5] . و إنسان هبَاثنْت (باتنا) بالدليل الأثري في الثكنة العسكرية  لِهبَاثنت 1844 بسهم قاطعة من الحجر Chéleénne و التي يعود زمنها إلى إنسان نياندرتال، أي مائة ألف سنة [6]. وكما أن ابن خلدون يقول عن زناتة و هي المشكِّلة لأغلب أصول الأوراس الاجتماعية التاريخية : “مساوقة لأولية البربر و لا يعلمُ مبدأها في هذه البلاد إلاّ الله تعالى.” [7]

والربط بين العلاقة البشرية و الطبيعية لامتداد أوراس بجباله و سهوله و تضاريسه المختلفة بأودية سحيقة و مياه جارية و غطاء نباتي بيولوجي بيئي نافع و مؤهل منذ القدم لحياة بني آدم بكل البنية الطبيعية و الحيوانية المتنوعة تجعلنا نفكر فيما أنتجه من العلاقات و الألفاظ و السلوكات والأدوات و الوسائل الخاصة لحياته الشائكة و المتنوعة من العصور البدائية و الحجرية إلى اليوم نلِجُ إلى حقيقة الأنثربولوجيا لنعرّج إلى الثقافية منها و التي تعني : “دراسة طريقة العيش بالمفهوم البسيط، و الإنسان هو الكائن المنتج لمواده و علاقاته الاجتماعية و أفكاره حيث تعني : الكل المتكامل من الأنماط المكتسبة و التي يَأخذ منها أغلب المجتمع المتعايش فيها.”

و منذ ظهور الفيلسوف طايلور Taylor الذي تناول الاجتماع و السياسة و الفلسفة معًا ظهر مفهوم الأنثربولوجيا الثقافية و التي تعني بالبساطة طريقة معيشة مجتمع ما، أي تناول كل ما ينتجه المجتمع من علاقات إجتماعية و مادية فكرية

بالتالي فإن الأنثربولوجيا الثقافية تبدأ من حيث أن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يصنع الثقافة و الحضارة و ينشأ نظمه و علاقاته الاجتماعية كقوانين يعيش بها و ينتمي إليها لذا سُمِّيَ بالإنسان العاقل Homo-Sapien فيوفر لنفسه إحاطة من مجموع علاقات ثقافية من لغة و دين و نظام أسري و اجتماعي و إن خضع كذلك في العلاقات الطبيعية مثل التكاثر و البقاء للأصلح إلاّ أنه يزيد بفكره لينتج  طُقوسًا و عادات و تقاليد و عمران و مواد و آليات و تزيد بازدياد علمه و بمدى تطور الإنسان في النصف القرن الأخير حيث ازدادت الوتيرة فأصبح يتطور يوما بعد يوم (ما أنتجه الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية يزيد آلاف المرات عما كان عليه أبد الدهر و منذ أن يخلق).

و كذا يتميز بما ينتجه من أفكار و قيم و مبادئ يؤمن بها و تميزه عن غيره فكان بذلك أن أنتج الكل المتكامل من الأنماط الثقافية و الاجتماعية لذا ظهر علم الأنثربولوجيا الثقافية[8].

من ذلكم نأتي على حقيقة الموضوع كالتالي :

بناءًا على الآية القرآنية: “ يَا أَيُهَ النَّاس إنَّا خَلقْنَاكم مِنْ ذَكَرٍ و أنْثَى و جعلناكم شعوبًا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير” سورة الحجرات الآية (13) [9] فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه لا يمكنه العيش منعزلا عن بقية أفراد المجتمع بالجماعة، بحيث تعتبر عقوبة العَزْل من أقسى العقوبات التي تفرض على الإنسان [10]. و يُعبِر علماء الاجتماع عن هذه الظاهرة بأن الإنسان مدني بطبعه و ذلك ما جاء عند ابن خلدون في كتاب العبر في المقدمة [11]. و الإنسان الذي عاش حياته منعزِلًا عن الجماعة كما صوره الفيلسوف ابن طفيل “كحي بن يقظان” أو “روبرت سانكروزو” كما تخيل الكاتب الإنجليزي : دانيال ريفو لا وجود له في الواقع و الحقيقة.

من ذلكم جاء تعريف القانون Le Droit ، The Law هو : “مجموعة قواعد اجتماعية عامة و مجردة يجب احترامها بفرض الجزاء المناسب في حالة مخالفتها.” [12] و نخلص بذلك إلى ضرورة القانون و المبادئ التي تقوم عليها قواعِده لحماية و صيانة التراث الثقافي بتثمينه. [12] ونؤكد بالمناسبة عدم انتقاص المجتمع الشاوي بالأوراس لكل تلكم العلاقات و الأنماط و السلوكات و المواد بالمفهوم الثقافي و الفكري كالتالي :

أولا : وجود قوانين قديمة عرفية تسمى “إزرف” أضيف إليها القانون الإسلامي فشكلت قانون “شيـربـ إغزر ناث عبذي (وادي عبدي) و الذي كان سائدا إلى غاية الفترة الاستعمارية الفرنسية [13] و تحدث عنه بإطناب الباحث الفرنسي ايميل ماسكيراي في نهاية القرن التاسع عشر [13] .

ثانيا : الأعياد المختلفة من ثفاسكا الفال (ثفاسكا نتمنزوث أو سوق عيد الخريف)، و الذي كان يقام بـ”ثابوديوس” بـ”تهودة” قرب بسكرث “بسكرةجنوب أوراس. [14]

و عيد الربيع -“اثْفاسكا نتفًسْوِيْن“- و الذي كان يقام بتاجيا Tagea – ثيجيسيس- إيغزر انثاقا، ثم ثاموقادي “تيمقادلاحقا (27 فيفري) و عيد الصيف “اثفاسكا اونبذو” و الذي كان يقام بتيسذروس جنوب تونس تابع لنوميديا و الأوراس قديمًا. [14] أضف إلى ذلك عيد أول السنة من التقويم الأمازيغي ينّار او ينّاير الذي يتصادف ويوم 14 جانفي من كل سنة ويتم الإحتفال به بين الثاني عشر و الثالث عشر من شهر جانفي و الذي يُحْيِ فيه المجتمع تولي الملك شيشنق الحكم في “بوبسطيط” بالدلتا و على سائر مصر الفرعونية. [15]

  • آمنزو نتڤارزا : (عيد الحرث) ويسمى حرث سيدنا آدم بعد الفترة الإسلامية.
  • عيد ننيسان : 27 أفريل إلى 03 من ماي “ثفاسكا نيسان” تعني عيد الخصوبة، و يقصدون به المردود الفلاحي الزراعي و كذا تربية الأنعام. [16]
  • ولهم كذلك يوم خاص بالضحك و الفكاهات ويقام بالمسارح و الملاعب و في المنازل قصد الترويح عن النفس و ما أحوجنا إلى يوم في السنة ليعم الفرح و نبتهج بالابتسامة و الزغاريد والطبل في كل بقاع المغرب الكبير. [16]

وللأمازيغ عامة و كذا الشاوية بالخصوص الأعياد الدينية من الوثنية إلى اليهودية إلى المسيحية أما اليوم فساد الإسلام وغلبت أعياده المعروفة من عيد الفطر المبارك إلى عيد الأضحى و عاشورا والمولد النبوي الشريف- وقسّام لرزاق- و رمضان- و ليلة القدر و غيرها المعروفة لدى الجميع.

  • أُوسّان ن لحسوم : في اليوم الرابع و العشرون من فبراير، و لمدة أسبوع فلا احتفال و لا حنَّة و لا مباركة و لا طلاق يحدث فيه لأنه يشير إلى أيام غضب الآلهة من شر الكفرة و حدوث طوفان سيدنا نوح عليه السلام فهو اعتراف بالإيمانية و بخيرات الله في الإبقاء من الزوجين في سائر المخلوقات لصالح البشرية. و كذلك يعتبر يوم خلق الكون عند البربر بالأوراس عند آثْ عَبْذْ رَحْمَان (أولاد عبد الرحمان).
  • في أوراس هناك فترة 07 مارس إلى 04 أفريل و التي يسمونها “حيان” فهي أصل النبات و المغروسات و أحداث تدفق الينابيع.
  • و هناك أيام “نيسان” الممتدة من 26 أفريل إلى 04 ماي في سائر بلاد المغرب الكبير حيث انتظار الأمطار الخيرية و الغيث المبارك.
  • و يؤمنون بـ “آمسعوذ” حامل البركة للقيام بالبركة و خصوصًا بالحرث و المواسم الفلاحية و الدينية و عند آيث ادّاوذ باسم إبراهيم أو مُوحنْد و يُسَمونه بولعراس فهو الساحر العاطي للخيرات و خصوصًا في بداية موسم الحرث و يمنح الأمطار تدخله الأولي في الفعل و بعد يوم كامل يبدأ الشعب في عملية الحرث, حيث يقوم بتكسير الرّمانة على رأس المحراث و يمسحون عليه بالقشرة و يمنحون التمر للأطفال تبرّكًا بحرث جيد و بغلال وثمار وفرة. و هنالك أيام الصيف التي يخافون منها من الضرر الفلاحي 28 ماي، أي 15 من العد الأمازيغي و خصوصًا بالأوراس الجنوبي عند آثْ عَبْذْ رَحْمَان.
  • أُوسّان ن سّامث لمدة أربعين يومًا، وفيها تنضج ثمار التين ثم يبدأ التمر الأولي الافتتاحي “الفال” و تنتهي بدخول ثافسكا نتمنزوث (عيد الخريف)

وتقام “ثافسكا نتمنزوث” في هݣوݣث (تكوت) حيث يحضره الناس من جميع الأوراس و حتى من خارجه لاقتناء الحاجيات والمباركة بالخيرات و بقيام الحفلات. و يقوم في الأسبوع الأخير من شهر أوت و يبدأ في 23 منه. و يقابله بمنطقة “سيدي عقبة” أن النساء لا يحق لهن الخروج من المنازل وفقط يذهبن إلى البساتين داخل واحات النخيل.

فأكتوبر هو شهر الحرث: و يستبقون الزواج على موسم الحرث احتفالاً بأحسن زواج بين ذكر و أنثى لم يسبق لهما زواج للدخول إلى الفلاحة بأحسن مباركة. و العد التقويمي بالأوراس يحسب بالليالي لا بالنهار و يبدأ يوم الجمعة بمغيب شمس (غروب) الخميس، و لهذا تعتبر المختصة في علم الأنثربولوجيا “جيرمان تييون” أن يكون الأمازيغ أول من حسب ووضع تقويم قمري “هلالي“.[16]  و هكذا بشهادة المؤرخ شارل أندري جيليان فإن للبربر ثقافة و فنون و مسرح وفسيفساء[17] و يؤكد ذلك كذلك المؤرخ عثمان الكعاك. [18]

عرف الأمازيغ من اكثر من 5000 قبل الميلاد حقيقة الإيمان و تعلقوا بالسماء و الأرض و أن المطر النازل من الأعلى  Osiris آنزار عند الأمازيغ هو الذي يعطي الزرع و الخصوبة في الأنثى و هي الأرض Issis ثامورث وعلّموا ذلك للمصريين القدامى. [19]ثم أنشئوا آلهة وثنية عديدة منها : جيلان = إله الماء، و “نبتون” و”نبتين” المصرية أصلها أمازيغية لأنهما إبنتي آمون وهو الملك الأمازيغي الأول في مصر. [20] عبدوا كذلك بغزارة الإله “ابولون” بل وضعوا رسمه في نقودهم ثقْرِيني  Cyrène.[20] كان لهم إله خاص بالبربر يسمى ابتوخوس Aptoukhos [20]، و كذا لڤرزث GURZIL [21] إله ذيهيا (الكاهنة).

و يسمي الأمازيغ الإله : آكوش منها مراكوش. و يسمى إلى حد اليوم : أحلاّق عند إشاوين و يلاّ عند الطوارق و يَلَّوُ عند إقبايلين . و دخلوا الدين اليهودي فأسسوا فيه مذاهب مثل المتبقي في أغادير بالمغرب الأقصى و الموجود كذلك بجربة فهم بقايا من اليهود المغاربة لا من إسرائيل. وكذا في المسيحية كانوا هم عظماء المذاهب الكاثوليكية و أصلها، و كذا آريوس رائد الشيعة L’ARIANISME – والدوناطية (الدوناتية) (الثورية الأرثوذكسية) في الأول برز القدّيس أغسطس و في الثاني عُرف تورتيليان Tertullien بقرطاج. [20]

العادات المتوارثة بمنطقة آوراس :

إذا كان المعروف عن “هيرودوت” نقله لحقيقة الزواج عند بعض القبائل الأمازيغية، كان بترك الزوجين ليلة زفافهما بالذهاب إلى مقابر الأجداد العظماء و أخذ التربة منها لرؤية الحلم و إدراك المستقبل وراء ما يرونه من أحلام وتصورات.  [20] و كذا تسليم كل واحد منها للآخر ماء يغترفه في كف يده حتى تسود المودة و المحبة و الخير و البركات حياتهما الزوجية.  [20]

إذا كان رمي الضرس المسوس بعد اقتلاعه إلى القرص الشمسي ذا دلالة على الإيمان الوثني بهذا النجم العظيم والتبرّك بتبديله بآخر جميل يشبه سن الغزال و المنزوع فهو للحمار (فيقول من يرمي السنّ: آخْ هِيغمَسثْ نْ واغيول هوشذاي هآ نْ تآذموث)، وكان ذلك قائما في كل ربوع تامزغا و إلى اليوم في بعض المناطق الريفية نشاهد من يقوم بذلك من الأطفال فهو طقس قديم يبين مدى تعلق الأهالي بوثنيتهم القديمة. [21] و كذا نجد من الطقوس المسيحية عند طي الرّضيع بالقماطة بإحداث الحركة التثليثية (عيسى-مريم) و علاقتهما بالخالق الإله الأوحد. [22]

و نجد الاحتفال و الدعاء للغيث عند إنتقاص الأمطار: “آغنجا” طقسا دالاً على الإيمان بالسماء و الأرض والخصوبة منذ الأزمنة الغابرة، قائما عند الأهالي و يُحفظ ترتيله غنائياً إلى اليوم. [22] من العادات حمل الذكور من الأطفال لأقراط الآذان من النحاس و الذهب حتى يُحفظون من الأمراض عند الأسر التي يصاب فيها الأبناء و يموتون دون بقاء ! و يؤكد ذلك شارل أندري جيليان و يعترف حقيقةً بهذا العلاج السحري كظاهرة لا تفسير لها إلا أنها مفيدة للغاية. [23]

ومن الطقوس الإيمانية الوثنية إله المياه : “أننّا” بأوراس و عند إيشاوين يعطون دعاءًا لمغادرة التجمعات المائية والمسابح و الوديان بالغطس و دق سبع حجرات داخل الماء حتى لا يصابون بالأذى وتبركًا بالنعمة للعودة مرة أخرى. [24]

و الزغاريد النسوية هي أمازيغية كما يذكرها “هيرودوت” عند قبائل بسيل PSYLLES و أنها أصيلة. [25] وتدل على الدعاء للخير و الرضا بالخالق و حتى أنها تستعمل في الحروب و عند استشهاد الأبطال في المعارك والحروب.

مما يؤمن به إشاوين كبقية إيمازيغن: المرأة التي مسحت ابنها من وسخه باستعمال الرغيف و علقت في السماء في كبد البدر (القمر) عبرة للمستهينين في الأرزاق التي خلقها الله لعباده الأتقياء فهي دلالة إيمانية وتربية نافذة للأجيال الصالحة. [26]

آبريذ اولوم” (طريق التبن) حيث تتكلم الرواية عن السارق الذي أخذ التبن من لدن جاره فكان أن رسم الله صورة قيامه كلِصّ في السماء ! عِبْرة لمن يعتبر (الدب الأكبر في علم الفلك). [26] وقصص سَبع رقود و مالها من روايات و مواقع بالأوراس (المسيحية). [27]

القصص :

فإن مجال القصص و الفكاهة والروايات بل حتى “جحا” هنالك جحا اليهودي و الهندي و العربي و البربري حسب السيد عثمان الكعاك. [28]  فالمجال متسع فمنه نذكر على سبيل المثال : علي زرزرو ذابيرا – ثامطوث أُذوار – عبروقا – عمر موشّ – ميزراي ذوميغيس – لونجا يليس نوجليذ – أحمذ اوتغيولت… الخ.  [29]

الشعر و الغناء :

لإشاوين شعر و غناء و موسيقى منذ القدم فبعضه تبقى دالاً إلى اليوم مثل تكوكث ولالا – زازا اولزيادي – عياش…الخ. فهو ميدان واسع تدل عليه الروايات و السند اللغوي الممتاز. [30]  و كذا فيه تآليف الأولين مثل : أيوبا القاني (و إن فقدنا كتبه اليوم). [31]

الخيال الفكري والإيمان بالعالم الخرافي و الجن :

فإن قصص “الغوالا اتّامَزْوِيْن” يكاد يسيطر على العقول بهذه المنطقة. [32] و قصص الجن والمس يكاد يصدق به كل من وضع قدمه بآوراس بالدلائل و المعاناة و المداوات والشعوذة.

المسرح و الرواية :

بلغ إشاوين مبلغ عظيم منهم نذكر اليكسيس بليبيا، و آخر طورانطيوس [33] من قرطاج و ابوليوس من مداوروش و غيرهم أثّروا في المجتمع بأدبيات فكرية عالية. [34]

أما الأمثلة والحكم: فحدث ولا حرج، بل دالة على عمق حضاري ثقافي إلى اليوم (أكثر من 700 حصة إذاعية بالأوراس)

 العمران و المدن :

من أقدم المدن في العالم تلك التي بنيت في الشمال الإفريقي كما جاء في كتاب “جغرافية الحضر” للدكتور المصري “غلاب[35] و كذا عدد المدن المعترف بها و التي كانت أكثر من غيرها من بلدان العالم فقبل الرومان بلغت أكثر من 500 مدينة. [36] و “إيشوقان” في علم الآثار تدل على آلاف السنين من تواجدها قرب إيمي نالطوب (فم الطوب) و ثيبيكاوين. [37] و مغارات “عمارتي بوطيقان” بأربعة و عشرون غرفة عمودية منحوتة في الصخر آزوﭬـّاغ آُوماڤّ (أحمر خدو) أكثر دلالة على الإنشاء بالنحت في جوفه و كونها طوابق لعمارات طبيعية. [38]

فن بنائهم للأضرحة الميقاليتية 2800 مقبرة في بودرباسن والخروبة قرب إغزر نثاقا (بوحمار) و إيمي نالطوب. [39] و تجسد أعظمها في بنايات و أهرامات منها : مدغاسن [40] – والضريح الموريطاني بتيبازا – و ضريح ماسنّسن (ماسينيسا) بالخروب و تين هينان و ايجدارن بـ “سِيڤْ” بالغرب الجزائري. [41]

الري و الفلاحة :

أدرك الدارسون ان أوراس عرف فلاحة مدرجات منذ آلاف السنين و أكدت السواقي الصخرية المنحوتة و السدود والوديان و إقامة مجمعات مائية و”شنّاورة[43]  خير مثال على ذلك. وما استعمال إشاوين لأفنان و أغصان الزيتون للكشف على المياه الباطنية و الينابيع إلا دلالة على ذلك. [44] ويتباركون بها و يعظمون أمرها منذ الأزل.

القصص التاريخي الدال :

نجد قصص “بورݣ” و أصول آوراس متناقلة إلى اليوم منطقة آريس و قصة عبدالله واستعماله للثلاثي الأرجل TREPIED حتى يدرك قصر “حيرث” بـ آزوﭬـّاغ آُوماڤّ. [45] دالة على عبد الله بن أبي سرج و ما أخذه من ثلاثة مائة قنطار من الذهب بالدلالة التاريخة ثانية. [46] و القصص التاريخي المروي كدعاية سياسية مثل : ذياب و زازة الهلايلية المتوفاة بالشرق قبل قدوم الهلاليين للشمال الإفريقي عند ابن خلدون. [47] و تروى بقوة في منطقة ماسكولا (خنشلا) و تستدل بالآثار الأمازيغية والرومانية لصومعة آيث عزيز قرب ثازڤاغث بماسكولا (مدينة Cellas).

وكذا التناقل التاريخي لوضع ذيهيا للزئبق في الآبار و الينابيع لجعلها غوراً و إضاعة مياهها بكثافة المعدن و كونه مادة سامة قاتلة للعدو و أثناء الحروب. [49]

ولإيشاوين أكلات و طبخ يشتهرون به مثل : بازين – آبربوش (الكسكسي /البربوشة) – آشخشوخ (شخشوخة) – آمحݣوݣ (المحكوكة) – بومهراس – مَافَاسْ (المحجوبة) – أرّفِيسْ – أزريقية – زيراوي…الخ (ثابسيسث – ثاليلايث – توطفيسث). كذا ولهم صناعة تقليدية شهيرة، من زرابا “بابار” إلى تليس غوفي، و كذا نسيج آقشّابي (القشابية) و آعلاو (البرنس) و العماير و الحصير – و الأواني الفخارية العديدة و المتنوعة و كذا لهم صناعة حلي خاصة لهم. [50] و لهم بنايات خاصة كالقلاع و الحصون (ثيقليعين)  [51]و مساكن غوفي ذا ثلاثة جدران “ثاسمّاشث“… الخ. [52]

باختصار فإن إقليم آوراس يستحق إلى دراسات دقيقة في الأنثربولوجيا و علم الاجتماع و علم الآثار و اللغة و التاريخ و في العادات و التقاليد. فهو جدير بالعناية و الرعاية و المحافظة و حث الذات الأصلية التي طالما رفضناها و هي متشبثة بنا كأم راعية لأبنائها دون أي ترك، فهل نستمر في العقوق و نضيع الحقوق أم سنضع حدًا للشقوق رفعا وذودا عن الجمال و الذوق، فللغروب إن شاء القدر شروقًا.

يمّاس نواوراس – هباثنت

المراجع :
1) عبد الرحمان محمد الجيلالي – تاريخ الجزائر العام – طائفة من آراء مشاهير علماء الشرق و الغرب.
2) قاموس منجد الآدب و العلوم – 1996 – بيروت (لبنان).
3) المؤرخ السعودي – مروج الذهب و معادن الجوهر. – أخبار الزمان –

4)  Sciences et vie Africaine. oct 1988. Notre grand mère EVE est

5) المدن القديمة – وزارة الثقافة و الاتصال 1983

6) ستيفن قزال Stephane Gsell –Atlas Archéologique feuille n : 27 –Batna-

7) ابن خلدون عبد الرحمان – ديوان المبتدأ و الخبر في بلاد العرب و العجم و البربر – السفر (7) زناتة، المكتبة العالية – الكتاب العالمي بيروت 1983.
8) الدكتور السيد/ السيد عبد العاطي السيد 1997 – دار المعرفة الجامعية – الإسكندرية، علم الاجتماع الحضري بين النظرية و التطبيق الجزء الثاني – مشكلات و تطبيقات.
9) المصحف القرآني – سورة الحجرات – الآية (13)

10) L’homme est fait pour vivre en société – Ibn Khaldun – Discours sur l’histoire universelle.
MOQADIMA. Traduction Vincent Monteil. Tome I . P85 – 1967 SINDABAD.

11) ابن خلدون عبد الرحمان – المقدمة –
11) المدخل للعلوم القانونية – نظرية القانون – الأستاذ الدكتور – محمد الصغير بعلي جامعة عنابة – دار العلوم للنشر و التوزيع.
12) المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري – الأستاذ/ محفوظ العشب – ديوان المطبوعات الجامعية ط 3-2007.

13) Emyle Mascuray. Les populations sédentaires d’Algérie. Kabyles de Djurdjura. Chaouia de l’Aurès et Mizab de Ghardaia reed CNRS 1985

14) نقلا عن النصوص العربية Bosnard – La Kahina – Roman 1925
15) شيشنق و توليه الحكم لمصر الفرعونية – محاضرة السياسي عبدي ~~~~ ، دار الثقافة. الأستاذ محمد شفيق – ثلاثة و ثلاثين قرنًا من الأمازيغية – دار القلم – المغرب.

16)   Il était une fois l’ETHNOGRAPIE – Germain Tillion – édition du Seuil 2000     (ص167 – ص203).

17) شارل أندري جيليان – تاريخ افريقيا الشمالية – المجلد الأول – التاريخ القديم – ترجمة – الأستاذ مزالي – تونس.

18) عثمان الكعاك – البربر – فبراير 1956. مكتبة البعث – تونس.

19) هيرودوت – الكتاب السادس و مجلة تاويزا المغربية.

20)   Afrique Ancienne Tom R.Louis – LACROIX – 1844. Reed -Bouslama Tunisie – 1981. Tunis.

20) من الواقع المعاش يالأوراس و باعتراف و تطبيق جميع الناس.
22) واقع معاش بالأوراس.
23) شارل أندري جيليان Charles André Julien Histoire de l’Afrique du Nord
24) واقع معاش : بـ إغزر آملاّل (وادي الأبيض) و قام به جميع الأولاد و إلى اليوم عند الصبيان.

25) Afrique Ancienne  T2 – louis Lacroix – idem

26) من واقع المجتمع الشاوي بالأوراس.

27) De Lartigue – Monographie de l’Aures – 1904 – Constantine

28) عثمان الكعاك – البربر 1956 – مكتبة البعث – تونس.
29) الساسي عبدي – حصص إذاعية 2006-2008 – آنزروب اتمانّاوين.
30) حول الأمازيغية في مفهوم إسلامي إنساني علمي – كتاب غير مطبوع – ساسي عبدي

31) Afrique Ancienne – Yanosky –  Dureau de la Mallé 1844    T.2 – reed Bouslama – Tunis 1981                   
32) Germaine Tillion – Ethnographie – ed.Le Seuil 2000

33) مجلة “تويزا” المغربية – محمد شفيق – مسرح Térence  ويلوت Plaut
34) ابوليوس – الحمار الذهبي – ترجمة المرحوم دودو.
35) الأستاذ اغلاب – جغرافية الخضر – ص 36 حسب دراسات Chabot و بيجو.
36) المدن القديمة – وزارة الثقافة و الاتصال – 1983.

37) Stephane Gsell – 1911. feuille n :27 – Batna.
Aussi – Monographie de l’Aurès. Chez le Lt.Colonel De Lartigue

38) حقيقة أثرية قائمة على نظام الحوانيب Troglodites

39)  Colonel De Lartigue – Monographie de l’Aurès 1904. Constantine
40) IMADRACEN – Gabriel CAMPS 1977
41) Les Monuments Berberes –Document du Ministère de la culture 1983
42) Encyclopedie Berbère. Aix de Province – AZRU – Aurès – Tome IIIX   
43) J.Berebent. Aquae. Romanae – Livre pour les Antiquités – 1961

44) تطبيقات معهودة إلى اليوم و بفضلها قامت واستخرجت الينابيع قديمًا و إلى اليومSourcier .و يؤكدها علميا الدكتور Rocared صاحب (12) اختراع في الفيزياء و أبو القنبلة النووية في فرنسا science et vie 1988.

45) رواية متناقلة قديمة متناقلة تراثيا شفويا بالأوراس الجنوبي.
46) ابن خلدون عبد الرحمان – السفر 7 – العبر – دار الكتاب العالمي – بيروت 1983.
47) نفس المرجع.
48) صومعة مازالت قائمة مكتوب عليها اسم بطل في علو أربعة أمتار و يبلغ ارتفاعها نحو 10 أمتار و» بيريبنت  « هي مدينة “سالاس”.
49) تناقل شفوي عن الكاهنة بالمنطقة.
50) كتاب الحلي في الجزائر – وزارة الثقافة و الاتصال.

51) Les GUELAA Auressiennes.  دراسة تأهيل و تقويم Bureau Technique URBA-Tech

52) موقع غوفي 2008 مديرية التعمير لولاية باتنة.

باسم عابدي

مهتم بالتاريخ بصفة عامة، أطلقت "المكتبة الرقمية الأمازيغية" سنة 2013، وهي مخصصة لتاريخ وثقافة الأمازيغ. وساهمت سنة 2015 في تأسيس "البوابة الثقافية الشاوية"، المعروفة بـ إينوميدن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى