الشعب الجزائري يُجهض “فتنة الرايات”

منذ بداية الحراك في 22 فيفري, لا تزال ثورة الشباب الجزائري تحقق المكتسبات السياسية الواحدة تلو الأخرى . فبعد قطع الطريق على “العهدة الخامسة” أرغم الحراك الرئيس بوتفليقة على الإستقالة و أنهى حكم عصابة دام أكثر من 20 سنة .
عن طريق أبواقها الإعلامية التي غذّتها بملايير الإشهار العمومي , قامت النظام طيلة الثمانية أسابيع الماضية باستعمال جميع أنواع المناورات لشيطنة الحراك الثوري و محاولة تقسيمه . وكانت إثارة النعرات الجهوية على رأس هذه المناورات كالعادة.
لقد سجّلت الرايات الأمازيغية حضورا قويّا في المشهد الثوري و عرفت انتشارا كبيرا خارج معاقلها التقليدية (بلاد القبائل و الأوراس)  و ظهرت في مناطق أخرى ليست ناطقة بالأمازيغية .
حضور الرايات الأمازيغية بمختلف أشكالها : الراية الفدرالية الثلاثية الألوان , الراية الشاوية آوراغ ذوبركان, جنبا لجنب مع العلم الجزائري في مرحلة مفصلية كهذه  التي تعيشها الجزائر لها دلالات كثيرة اهمّها تصالح الجزائري مع هويته و أن الراية الأمازيغية أصبحت رمزا “للجزائرية”  l’Algérianité  شئنها شأن الراية الوطنية .

من صفحة النائبة نعيمة صالحي التي إمتهنت العنصرية ضد الأمازيغية

حاولت العصابة اللعب على هذا الوتر كالعادة فعملت طيلة أسبوع على منصّات التواصل الإجتماعي على شيطنة من يحملون العلم الأمازيغي و اعادت نفس اتهاماتها البالية. فظهرت خلال الأسبوع مجموعات من “الذباب الإلكتروني” على الفايسبوك قامت بنشر خطاب كراهية إتجاه الأمازيغية و إتجاه القبايل بشكل خاص .
وفي صبيحة الجمعة بالعاصمة , بعد اسبوع من التجييش العرقي والجهوي على الفياسبوك , اجتمعت حشود المتظاهرين ككل مرة بساحة البريد المركزي و ظهرت بينها مجموعة من الأشخاص المشبوهين يحملون أعلاماً ” حمراء و سوداء” ظنّها الجميع أنها لمشجعي إتحاد العاصمة . لكن ميكروفون قناة النهار الموالية للعصابة تواجد بالصدفة بالمكان و استجوب أحد هؤلاء الأشخاص وكان ملتحٍ و بلباس سلفي و الذي صرّح  أن  هذه الراية هي راية عرش أولاد نايل “العرب الأقحاح”.
هذا المقطع تم مشاركته بقوة على الفايسبوك من أجل تضخيم هذه الحفنة من الأشخاص و إعطاء الانطباع  على أنهم مجموعة كبيرة .
و بالطبع هذه الراية غير معروفة ولم يسبق أن تم حملها من قبل , كما أنه لا توجد راية “بني هلال” التي تم الترويج لها كذلك من طرف ” الذباب الإلتكروني” . و الهدف من هذه الاكاذيب هي إعطاء  الانطباع على أنه يوجد “عرب أقحاح” في الجزائر و أن هؤلاء لديهم راياتهم التي تعبّر على “خصوصيتهم الثقافية” في مقابل الرايات الأمازيغية و بذلك الترويج لثنائية متضادة أمازيغ /عرب .
و كان أمل العصابة هو ان يقع إحتكاك بين من يحمل هذه الرايات “العربية ” المزعومة و من يرفع الرايات الأمازيغية يؤدي إلى مناوشات يتم تضخيمها بعد ذلك لشق وحدة الحراك الثوري و اضعاف ديناميكيته. إلا أن هذه المناورة فشلت كما فشلت سابقاتها و لم تلقى  هذه الرايات “المُختلَقَة” اهتماما يذكر في اوساط المتظاهرين .

منشور تلفزيون النهار حول راية ” ولاد نايل”

بعد أن تم اجهاض “فتنة الرايات” تراجع تدريجيا نشاط الذباب الإلكتروني قبل ان ينتهي نهائيا .  كما تبيّن بعد ذلك أن أحد رجال الأعمال الفاسدين -الموجود حاليا تحت الرقابة القضائية- كان وراء تشكيل هذه “الميليشيات الرقمية” لكسر الحراك.

يوغرطا حنّاشي