أقلام حرّة

تقمّصات الخنزير الذهبي

 

– النص لا علاقة له لا بالفينيقيين و لا القردوخانيين و لا السعوديين و لا أي من الكائنات الأسطورية الاخرى .

– لا ترابط بين النص و كوني من برج الخنزير حسب التقويم الصيني .

– النص غايته الوحيدة هو تفسير إجابتي الدائمة عن الاستفسارات البروتوكولية المتعلقة بأحوالي “Am yilef.

– بنية النص و صيغه جاءت مبسطة تحت الطلب و الالحاح المستمر من مسيري الموقع .

– “الخيار الحر لا يعني الحرية بالضرورة فغالبا ما تأتي الخيارات من وحي وسط مفروض”

توطئة توضيحية

النص ليس اقتباسا و لا استلهاما لرواية أبوليوس بل هي أحداث واقعية بعيدة عن فانتازيا السحر و الآلهة و رحلة أحلام اليقضة فبدايات تقمصاتي كانت منذ طفولتي الأولى وقبل الاطلاع على الحمار الذهبي أو أي نص آخر عدى بابا في البستان و ماما في السوق ,لكنها بدأت في التبلور بعد أحداث مؤسفة مررت بها بينت كل أطر الواقع المعاش في لحظة كشف مادي منبثق من وعي ادراكي متراكم ,و العمود الفقري لبناء فكرة النص بسيط الشرح  , ففي حديقة حيوانات على أكثر المقاييس تفاؤلا ان لم نقل أدغال العصر الطباشيري الأول تكون انسانية الفرد مجرد سذاجة عند صلحاء الطائفة و خواصهم أما عند العامة فهي لا تتعدى الترف و التريض الفكري.

فتحت طائلة اكراهات الواقع لا يبقى إلا التقمص الذي غالبا ما يكون اكراها غير واعي أما الاختيار فهي كرامة و خارقة لا يحضى بها غير المميزون أو المجذوبون فطريا ,و رغبة مني في التميز كالعادة أخذت بدراسة كل الخيارات المتاحة و المجدية في الوسط الحيواني المتاح .

ملك الغابة أو الخيار الغبي

الطفولية المشبعة بقيم الرجلة و تأثيرات كحلوش الفيلم غالبا ما تدفع بمعتقِد (بكسر القاف) خيار التقمص الحقيقي او الوهمي على السواء الى الحلم بملك الغابة و مهما كان الوسط قفص حديقة حيوان او ظل شجرة في السفانة فالنهاية الحتمية ان تجاوزت سن المراهقة غالبا ما تكون مأساوية وبعيدا عن واقع الأحياء الشعبية و الى مستويات نخبوية من الحيوانية يحضرني مثال أشرف ابن شقيقتي الإخوانية الهوى و الذي كان حلمه أن يكون رئيسا للدولة و فجأة و على شاشة الجزيرة تبخر حلمه الطفولي بفعل حدث تاريخي لم تستوعبه براءته المشوهة بتأثيرات المزاج الايديولوجي للوسط الحاضن ,فبعد ليال من نشوة أحلام اليقظة ذات خلفية صوتية تتلخص في ضجيج الجماهير الهاتفة “تحيا أشرف ,تحيا” تحول حلمه الى كابوس من نوع “يسقط نظام أشرف ,يسقط” ومع و مضات متتالية من مشهد اغتيال القذافي المروع تراجع أشرف عن طموحه و تماهى مع القطعانية المتماشية مع سنه . صحيح و رغم تماهيه إلا أن رغبة التميز الدفينة ظهرت فاختياره للطبيب كلقب مستقبلي رغم عفويته أكيد كان متأثرا بعبق ذو خلفية ايديولوجية فإسم الطبيب المصري مؤسس أحد أشهر التنظيمات الارهابية و الذي تساقط رفاقه من حوله الواحد تلو الآخر ليبقى هو كصورة باهتة لكن مستمرة لكحلوش الفيلم كان حاضرا في لاوعيه ,شخصيا تركت أشرف و أحلامه و لم أزعج براءته بذكرى الطبيب الأرجنتيني ذو النهاية الدامية رغم عدم كونه رئيسا .

و محصلة الفكرة يلخصها المثل الشعبي “السبع كي يكبر اركبوه الشوادا” لذا فخيار ملك الغابة هو خيار غبي و ساذج لا نتمناه أكيد لكل المسلمين السنة الغير أشاعرة و ماتوريديين و ندعو به متضرعين قانتين لأعداء الوطن و الدين من زنادقة ديموقراطيين و تنويريين لائكيين .

الدجاجة و الثعلب و قصة التحرر من الرمزيات الأجنبية

في دردشات صبيانية مع أحد الائمة المتزندقين أكد ساخرا كصاحب اختصاص صحة الحديث المتداول تواترا عند عجائزنا “كون ذيب لا ياكلوك الذيابة” فرددت عليه بدافع انسانية متضخمة حينها في سياق حديثنا “الدولافونتاني” أني أفضل أن أكون الدجاجة على أن أكون الثعلب فكان رده الساخر المصحوب بقهقهات هيستيرية مستفزا ,وبسبب فجاجة ردودي الموجعة و المثيرة لماضيه الظلامي اعتذر إمامنا موضحا أن الفكرة المطروحة جميلة ومعبرة على قيمة أخلاقية ما إلا أن التعبير قد خانني حينها رغم فصاحتي غالبا خصوصا و أن دردشاتنا كانت بثشاويث فالدجاجة في ثقافتنا لها مدلول رمزي قدحي و ساخر مثير للضحك ,وحينها و فقط حينها لمعت الفكرة مفعلة كل خلايا الدماغ المدرك لدي فقررت مراجعة كل الصور الرمزية للحيوانات في ثقافتنا و مقارنتها بالثقافات المفروضة قسرا كفرض ديني و واجب وطني او كتميز نخبوي و حداثي .

و كانت التجربة مؤكدة لواقع يُعتقد (بضم الياء) أنه نظري ,و هو التمايز حد التناقض غالبا بين ثقافتنا و هذه الثقافات ,و قد قادتني التجربة للخوض فيما بعد فاتحا حدود الفضاء الشاسع للميثيولوجيا المحلية و التي كانت نتائجها مفاجئة خصوصا بعد الاهتمام و الدراسة المقارنة للأساطير الشاوية أو ما يسمى ازدراءا “القصص الشعبية” .

و عودة لموضوعنا فقد إكتشفت مبكرا نسبيا أن الأفعى ليست رمزا للخبث بل على العكس فجانب “الصوالحين” هو السائد ,و أن الأرنب ليس رمزا للوداعة بل للغدر حيث تروج قصص عن بداية أكل الشاوي للأرنب انتقاما لأكله للإنسان دون إغفال كونه مشئوما و مدعاة للتطير “Ṣṣbaḥ n ugeṛẓiẓ وهكذا مع البوم رمز الإثراء و الحظ لا النحس و لواحقه و الذئب الذي يختلف تماما عن ذئب الحديث سابق الذكر و هكذا مع الثور و الحمار و حتى القط و الضفدع إلى أن وصلت إلى صديقنا الخنزير أو آخر التقمصات .

آخر التقمصات و البعث الجديد

فكما نوهت في المقدمة أن هناك ظروف خاصة مررت بها و للتوضيح أكثر دون التصريح ,ظروفي هذه فرضت علي الإقامة في وسط حيواني خاص فلا هو حديقة حيوان مفتوحة للعامة و لا هي أدغال رحبة غير مرسمة الحدود بل و بشكل تقريري و مباشر كان هذا الوسط مستودع مختبر لا علمي لحيوانات تجارب و التي تنوعت من فئران و جرذان الى قردة و حتى كائنات أحادية الخلية و رخويات بتفرعاتها ,علما أن غاية صانعي هذه الظروف كانت الحد من تحركاتي منعا لتوريد الفتنة المعروف حضرتي بتسويقها محليا ,فكانت استراتيجيتي المقاومة بسيطة و فعالة و هي انتاج الفتنة محليا و توزيعها مجانا مما إستدعى تقمصا خاصا ,تقمصا شوهته غالبا اسقاطات لاهوتية من نجاسة و دياثة أثبتت تجربتي في الرمزيات الأهلية تهافتها فصديقنا الخنزير الشاوي يختلف عن نظيره العربي و حتى الرومي فهو الذي لا يلتفت يمينا و لا يسارا ,لا يتراجع أو بالأحرى لا يستطيع التراجع ,يصدم الجميع في طريقه فلا منبه صوتي و لا فرامل هدفه يعميه عن العوائق و الأهم أنه كثير التكاثر و تلخيصا الخنزير هو رمز للعناد بل و مما هو متواتر في أحاديثنا العفوية هو كذلك رمز للذكاء الفعال “Flan d ilefأي أنه ذكي و معاند .

قد يعتقد البعض أن خياري خيار غبي و مصيري سيكون كملك الغابة ,فمن الرائج أن بسبب عناده و مقاومته و رفضه المبدئي لقرار الاستسلام يأتي الخنزير على رأس قائمة المطلوبين و المستهدفين من قبل هواة الصيد ,هذا صحيح أوروبيا أما محليا فسبب إستهدافه هو تعديه على ممتلكات الغير و بما أنني سأكتفي بجذور التالغودي لإنتاج بذور الفتنة (اقتباس بتصرف عن الرفيق يوغرطا) و لن أقرب أبدا بساتين التفاح و لو تجلت لي ايزيس أو حتى أوزوريس شخصيا و كل الاسرة المقدسة بأفرادها جميعا فردا فردا ,لا احتراما للملكية الخاصة فأنا غير ملزم ايديولوجيا بل و فقط لشبهة امكانية تحولي لإنسان سوي من جديد فقد جئت للدنيا إنسانا و سأغادرها خنزيرا كما اخترت .

هوامش ختامية

حديثي عن التنوع البيولوجي في الوسط المعاش لا ينفي واقع القطعانية فمن أهداف المختبر اللاعلمي المجبر على ممارسة وظائفي الحيوية في اطاره هو تحويل كل حالة التنوع الى قطيع متماهي بل و حتى الاختلاف البسيط في اللون لديه تبعات عقابية .(أنظر موح-ترية مونودراما الخروف الأسود) .

أما عن استهداف الخنزير لعناده في بعض الثقافات يظهر تميزنا المحلي فعندنا المستهدف رقم واحد حسب المورث الثقافي و الذي يضرب به المثل هو الأرنب الأبيض “Hat hat am ugeṛẓiẓ amellalدون نسيان قدرة الخنزير على تلقي الضربات و النجاة منها فحتى حين ظهرت الاسلحة النارية راجت روايات عن كون الخنزير يمكنه تفادي الرصاص بسبب الوحل و القذارات التي يهوى السباحة الحرة فيها مما يجعل الرصاص ينزلق على جلده ,وعموما فأنا كنت و لازلت مستهدفا لا بسبب تقمصاتي بل لأسباب أخرى متعلقة بجوهري الثابت .

لكن الأكيد و المعروف لكل ذي خبرة ولو سطحية بالموضوع أن أخطر ما يهدد الخنزير هي الكلاب المدجنة المتحالفة ضده ان باغتته من الخلف وهذا يبين أنه في النهاية لا يوجد حيوان كامل التحصين لذا و جب أخذ بعض التدابير الاحترازية و التي لا يمكن الكشف عنها علنا لأسباب أمنية و وقائية .

مُوح ترّي (Muḥ-Terri)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى