تاريخ

قصة ماسينيسا و أنياب فيل معبد “جانو ” بمالطا

لقد عرف الأڨليذ ماسينيسا كيف يبني دولة نوميدية قوية , فبالإضافة إلى سياسته الداخلية المبنية على الزراعة, إنتهج ماسينيسا سياسة خارجية اتّسمت بالإنفتاح و حسن الجوار , وهو ما جعل من الموانيء النوميدية  من أكثر الموانيء المتوسطية إزدهارا. فعلى عكس القرطاجيين الذين كانوا يغلقون الموانيء الإفريقية في وجه الشعوب الأخرى , قام ماسينيسا بإجتذاب التجار الإغريق , و المصريين , و الإيطاليين.
كما كانت للمملكة النوميدية بحرية حربية قوية تحمي تجارتها في حوض المتوسط  إلى جانب قيامها ببعض الغزوات. فيخبرنا المؤرخ  شيشيرون[1] بأنّ قائد أسطول ماسينيسا الذي رسى للراحة ذات يوم على سواحل جزيرة مالطا , إستولى على أنياب فيل ضخمة كانت تزيّن معبد جونو ( Junon ,أخت و زوجة جوبيتر كبير الآلهة في الأساطير الرومانية) وعاد إلى إفريقيا و قدّمها هبة لماسينيسا ولكن الملك عندما علم بمصدرها قام بتجهيز خماسية (quinquérème) على جناح السرعة و أرسلها إلى مالطا و على متنها الأنياب , وقد إحتفظ نصّ أثري ذو كتابة بونية يكون قد كُتب دون ريب بأمر من ماسينيسا ووُضع في المعبد. و يمكننا ان نقرأ في هذا النص : “كان الملك ماسينيسا قد تلقّاها بدون معرفة مصدرها وعند ما علم بذلك قام بإعادتها إلى المعبد ” .
يقول غبريال كامبس ” وهذه القصة الطريفة تحمل الدليل على أنّ الملك كان له ما يكفي من السفن جعله يخصص خماسية يوقف نشاطها العادي  ويرسلها إلى مالطا . كما تدلّ أيضا على أن سفن ماسينيسا الحربية لا تراقب السواحل الإفريقية فقط و لكن لها رحلات بإتجاه المتوسّط الشرقي “[2] .
و تخبرنا كذلك هذه القصة على مدى إحترام ماسينيسا لمعتقدات و ممتلكات الشعوب الأخرى في حوض المتوسط على عكس ما كان عليه القرطاجيون , إذ يخبرنا  ستيفان ڨزال أنهم ” كثيرا ما نهبوا و دنّسوا و هدّموا معابد أعدائهم  غير أنهم كانوا لا ينكرون قوة الآلهة الأجنبية و يؤدون لها الإحترام عندما تدعوهم لذلك المصلحة أو الخوف ” [3].

يوغرطا حنّاشي

[1] Cicéron, Contre Verrès, Destruction du Temple de Junon de Malte

[2] ماسينيسا أو بداية التاريخ , غبريال كامبس

[3] تاريخ شمال إفريقيا , ستيفان ڨزال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى