أقلام حرّةتاريخ

نوفمبر التاريخي و نوفمبر التلاعبات السياسوية

“نوفمبر, و ان تجاوزه الزمن فسنتحدث عنه رغم ذلك” كما قال موحيا, فنوفمبر بين الأمس اليوم و الغد كان و سيبقى محل تجاذب منظورات إيديولوجيا تزحزحه من مكانه المكرس رسميا سلبا و إيجابا أو تثبته و تزيد من قدسية الاستلاب التام باسمه و هذا لأهميته كمفصل تاريخي لا يمكن تهوين تداعياته على واقع الدزاير من التأسيس إلى اليوم.

نوفمبر رسميا هو مجرد مخدر يضاف إلى قائمة المخدرات المباحة و رمز من الرموز المباركة لنظام يثبت جدارته في تفكيك قيمة الفرد و المجتمع و يدفع خارج طريق المستقبل المأمول, هذا صحيح و هو ما يدعو اليوم نخبة من الشباب الشاوي للتنديد بما يسمونه “البنج النوفمبري” لكن الهجوم على “النوفمبرية” و لواحقها لم يبدأ مع شباب اليوم التقدمي فكشهادة شخصية أول هجوم سمعته على النوفمبرية لا الشعارتية فقط بل و القيمة التاريخية لنوفمبر كان ما روج له اسلامويو الفيس في التسعينات و هنا يطرح السؤال المشروع فإن بدا واضحا أسباب نزوع شبابنا لزحزحة المخيال النوفمبري من وجدان ايشاوين فإن الهجوم المباشر الذي قام به الاسلاميون و الذي بدأت بوادره قبل التسعينات مع عبد اللطيف السلطاني و شراذم جمعية العلماء, “فلما هذا الهجوم” ؟ و الإجابة أبسط من أن تحتاج لمناهج نظرية المؤامرة لتبيانها فالعداء للنوفمبرية هو عداء للفعل الأول لتأسيس الجمهورية أي العداء للجمهورية و هذا ما يبرر في ضمائرهم العداء لمؤتمر الصومام المكرس للطابع الجمهوري بالمعنى التقدمي للجمهورية لا بمفهوم ولاية الفقيه أو ما يقابلها تحت المسميات الرجعية السائدة تاريخيا و ظرفيا.

أي أن الدفاع عن نوفمبر هو دفاع عن الجمهورية لكن و هنا تتداخل المفاهيم و الأطروحات الإيديولوجية لتجيير نوفمبر بقيمته في المخيال الشعبي لصالحها فكما تستخدمه النخب المتسلطة مثلا لدمج ايشاوين عنوة في إطار وحدة يعقوبية تسلبهم كل خصوصياتهم و حقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية و أكيد الثقافية تبرز القوى الظلامية بعد هزيمتها العسكرية في التسعينات لإنتاج خطاب تدليسي و انتقائي لفرض هوية و توجه إيديولوجي لنوفمبر و نتائجه لتدفع نحو تدهور مطرد في الحقوق الأدنى التي تكفلها الجمهورية بل و تشرعن إفراغ الجمهورية من أي محتوى جمهوري .

و القول بأن نوفمبر هو منعرج و مؤسس الجمهورية سواء ناجحة او فاشلة لا يعطي الحق لا في الجمود و الاعتقاد بنهاية التاريخ مع نوفمبر و أنه ليس بالإمكان أبدع من ما كان على حد تعبير معتزلة المأمون و لا تجاوزه للبدء من الصفر و هذا هو الفرق بين الأمم ذات التاريخ و الغير مالكة لتاريخ فالأولى لا تبدأ من الصفر أبدا .

موح ترّي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى