أقلام حرّةثامزغالسانيات

يجب على اللغة الأمازيغية في المغرب أن تغزو الحرف اللاتيني

-“الأمازيغية لم تَدْخُلْ بَعْدُ المدرَسةَ ولم يُشرَع في تدريسها.”
 محمد بودهان (كاتب ومفكر أمازيغي مغربي) 26-07-2014
-“… فسيكون الأمازيغ سعداء بكتابة لغتهم بالحرف اللاتيني الكوني الذي سيفتح آفاق تطور أرْحَبَ للغتهم.”
 أحمد عصيد (كاتب ومفكر أمازيغي مغربي) 15-06-2011

 هذا المقال رد على مقال للأستاذ عبد السلام بنعيسي بعنوان “الحرف المناسب لكتابة الأمازيغية”* والذي يقترح فيه الأستاذ بنعيسي كتابة وتدريس اللغة الأمازيغية في المغرب بالحرف العربي ويرفض فيه تدريسها بالحرف اللاتيني.

وزعم الأستاذ بنعيسي أن الحرف العربي وطني وأن الحرف اللاتيني أجنبي. وسأبين أن الحرف اللاتيني أقدم وجودا بالمغرب من الحرف العربي. كما أن الحرف الليبي-الأمازيغي (Libyco-Berber) والحرف العبري هما أيضا أقدم وجودا بالمغرب من الحرف العربي.

وزعم الأستاذ بنعيسي أن الحرف العربي له طابع دستوري مستمد من رسمية اللغة العربية في الدستور. وسأبين خطأ هذه التخريجة.

ويتساءل الأستاذ بنعيسي: “بماذا سيضر الأمازيغية فيما لو أنها كتبت بالحرف العربي، وصارت تُدرَّس بواسطته؟”. سأبين للأستاذ وللقراء نواقص ومشاكل الحرف العربي التي تجعله أسوء خيار لكتابة وتدريس الأمازيغية، وأن الحرف اللاتيني الموسع أسهل وأدق وأفضل للأمازيغية بكثير:

ABCČDḌEƐFGǦƔHḤIJKLMNOQRŘṚSṢTṬUWXYZẒ

كما سأشرح للقراء لماذا يجب على اللغة الأمازيغية أن تغزو الحرف اللاتيني وتنتزعه من الفرنسية وتنهي احتكار الفرنسية له بالمغرب، لكي تتمكن الأمازيغية من طرد النفوذ الفرنكوفوني من المغرب.

ولكن سأبدأ أولا بأن أبين للأستاذ وللمتابعين والقراء كيف أن الحرف اللاتيني أصلح وأنفع للغة الأمازيغية من الناحية العلمية والتقنية البحتة، بعيدا عن السياسة والأيديولوجيا.

1) إحدى عشر حجة علمية وتقنية لصالح كتابة وتدريس وترسيم الأمازيغية بالحرف اللاتيني وضد كتابتها بالحرف العربي:

هناك أسباب علمية ولسانية وتقنية كثيرة متعلقة بالأمازيغية بالذات ترجح كفة الحرف اللاتيني بالأطنان ضد كل الحروف الأخرى مجتمعة. ولكن سأكتفي هنا بذكر 11 حجة علمية تقنية. (وقد ذكرت في مقالات سابقة لي حججا تقنية أخرى بتفصيل أكبر). وهي كالتالي:

– أولا: الحرف اللاتيني يكتب الأمازيغية بالدقة الأعلى بينما الحرف العربي يكتب الأمازيغية بالدقة الأدنى والأسوء. إذا كُتِبَت الأمازيغية بالحرف العربي فستكون الأمازيغية تحت رحمة علامات التشكيل العربي المجهرية (الضمة، السكون، الشدة…) وأيضا تحت رحمة التنقيط العربي (بـ،يـ،نـ،تـ،ثـ،قـ،فـ) وتداخل الشكلات مع النقط (بِـ،يِـ،نُّـ،تْـ،ثَـ،قْـ،فّـ). فالأمازيغية تعتمد بشدة على دقة الكتابة والنطق لتمييز المعنى، خصوصا أن الأمازيغية تملك لهجات متشعبة مليئة بالكلمات المتشابهة شكلا والمختلفة معنىً. ونحن نعلم كم هي غير عملية تلك الحركات التشكيلية العربية وكم ينفر الناس منها. ويتسبب الحرف العربي في الفوضى الإملائية التي تعاني منها اللغة العربية نفسها مع كثرة العلامات التشكيلية (الفتحة، الضمة، الكسرة، السكون، الشدة، المد، الوصلة، التنوين، الشدة مع الضمة، الشدة مع الكسرة، الشدة مع الفتحة…إلخ) ومزاجية استعمالها وصغر حجمها وصعوبة قراءتها. كما أنه توجد في الحرف العربي تعقيدات حرفية أخرى (الياءات، الهمزات، لام ألف، كثرة أشكال الحروف مثل (غ) (غــ) (ــغ) (ــغــ)…إلخ).

عقلية “الكتابة الأبجدية” Abjad الكسولة السائدة في العربية ومع الحرف العربي هي التي تتسبب في سوء الكتابة ونقصها وضعف مستوى التلاميذ في العربية وتخلف العربية عن العلوم. أما عقلية “الكتابة الألفبائية” Alphabetic السائدة في الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني وفي اللغات الأوروبية وفي التركية والإندونيسية وغيرها فهي التي تناسب الأمازيغية لأنها طريقة كتابة دقيقة تكتب كل الصوائت والصوامت. ومن بين أسباب انتقال الأتراك من الحرف العربي إلى اللاتيني هو كون الحرف العربي يكتب التركية بشكل ناقص وسيء.

فالكلمة العربية “كتب ktb” مكتوبة بعقلية “الكتابة الأبجدية” (السائدة في العربية) وهي طريقة كتابة كسولة وغامضة وناقصة وقزمية. أما عقلية “الكتابة الألفبائية” فهي عندما نكتب كلمة “كتب” هكذا: kataba أو kotobon أو kotéba. وبفضل هذه الطريقة الألفبائية نعرف المقصود بدقة كاملة. وهذا يسهل تعلم اللغة في المدرسة واستخدامها في العلوم والاقتصاد.

ومشاكل الحرف العربي ليست مقتصرة على طريقة الكتابة الأبجدية الكسولة القزمية بل تمتد إلى نشر الفوضى الكتابية وتشويه اللغة بسبب ذلك الغموض ونزوع الناس إلى الارتجال في الكتابة والقراءة.

فمثلا كلمة Tamaziɣt يكتبها الحرف العربي بـ16 طريقة فوضوية متضاربة (ولكن مقبولة بالمعايير العربية طبعا) وهي:

تامازيغْتْ، تامَزِيغْتْ، تامَزِغْتْ، تَمَزِغْتْ، تَمازِغْتْ، تَمازيغْتْ، تامازِغْتْ، تَمَزيغْتْ.

تامازيغت، تامزيغت، تامزغت، تمزغت، تمازغت، تمازيغت، تامازغت، تمزيغت.

وانظروا إلى مثال آخر بسيط هو كلمة Tiṭṭawin (العيون) التي يكتبها الحرف العربي بـ16 طريقة فوضوية متضاربة (ومقبولة بالمعايير العربية طبعا) وهي:

تِيطّاوِين، تِطّاوِين، تِطّاوِن، تِطَّوِن، تِيطَّوِين، تِطَّوِين، تِيطَّوِن، تِيطّاوِن.

تيطاوين، تطاوين، تطاون، تطون، تيطوين، تطوين، تيطون، تيطاون.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار عشرات الآلاف من الكلمات الأمازيغية وتعقيدات اللغة الأمازيغية وتعقيدات لهجاتها وتعقيدات قواعدها النحوية والصرفية فيمكنكم تخيل الفوضى الكارثية العارمة الرهيبة المدمرة التي سيتسبب فيها استعمال الحرف العربي في كتابة الأمازيغية في المدارس للأطفال والشباب وفي المؤسسات.

فاللغة العربية نفسها تعاني في المدرسة والإعلام مع الحرف العربي معاناة عظيمة. ومستوى التلاميذ والطلبة والمتعلمين في اللغة العربية في السعودية والمغرب على حد سواء سيء جدا، ليس بسبب عيب ذاتي في اللغة العربية نفسها (فاللغة العربية بكل لهجاتها هي لغة عادية لا غبار عليها) بل المشكل يأتي بسبب النظام الإملائي الفوضوي لهذا الحرف العربي المستعمل في العربية والذي يشلها ويعطلها. وحراس العربية من رجال دين وإسلاميين وقوميين يرفضون إصلاح النظام الإملائي الحرفي العربي خوفا من تداعيات ذلك على نصوص القرآن وإمكانية فتح الباب على تحريفها وتعديلها وتغيير إملائيتها. المهم، هذه مشاكل عربية عويصة لا نريد استيرادها إلى الأمازيغية.

إذا كتبنا الأمازيغية بالحرف العربي فسنستورد كل مشاكل العربية الإملائية والكتابية إلى الأمازيغية. والأمازيغية في غنى عن هذه الكوارث الإملائية العارمة لأن لديها ما يكفي من المشاكل الأخرى كالتدريس والترجمة والترسيم.

– ثانيا: الحرف العربي لا يستطيع التعبير عن حرف e الأمازيغي بشكل واف ودقيق لأنه حرف منعدم في العربية أصلا.

فمثلا في العبارة الأمازيغية Netta wer yessin (هو لا يعرف) يعبر الحرف العربي عن حرف e الأمازيغي بطرق متضاربة ارتجالية فوضوية، بالألف حينا وبالواو حينا وبالياء تارة أو بعلامات التشكيل تارة أو بالتغييب التام تارة أخرى (في نفس العبارة!). لاحظوا هذه الفوضى:

Netta wer yessin [نتا ور يسين] أو

Netta wer yessin [نتّا وار يَسّين] أو

Netta wer yessin [نتّا وور يسين] أو

Netta wer yessin [نتّا وار ياسّين] أو

Netta wer yessin [نتّا وَر يسّين] أو

Netta wer yessin [نتا ور يسِّن] وغيرها من الطرق الفوضوية العشوائية.

– ثالثا: الحرف العربي لا يميز بين w وo وu بل يخلطهم في حرف واحد هو “و”. بينما الأمازيغية تعتمد على التمييز الدقيق بين w وo وu.

– رابعا: الحرف العربي لا يميز بين i وy بل يخلطهما في حرف واحد هو “ي”. بينما الأمازيغية تعتمد على التمييز الدقيق بين i وy.

– خامسا: الحرف العربي لا يميز بين الراءات الأمازيغية الثلاث RŘṚ ويعبر عنها بحرف واحد هو “ر”. ففي الأمازيغية الكلمة iri تعني “الرقبة/العنق”، والكلمة iři تعني “كُنْ”. وفي الأمازيغية، الكلمة ɣer تعني “لدى/عند” والكلمة ɣeṛ تعني “اِقرَأْ/نادِ”.

– سادسا: الحرف العربي لا يعبر عن الحرف الأمازيغي G بشكل دقيق لأنه حرف غائب في العربية الفصحى وفي أبجديتها الأساسية. فالكاتبون بالحرف العربي يعبرون عن G الأمازيغي بالحرف “كـ” حينا وبالحرف “گ” حينا آخر وبالحرف “غ” تارة وبالحرف “ج” تارة أخرى وبالحرف “ݣ” حينا آخر. وفي الجزائر وتونس يعبرون عن G الأمازيغي بـ “ڨـ/ڨ”. وآخرون يعبرون عن G الأمازيغي بالقاف (ق). 7 حروف مختلفة للتعبير عن G الأمازيغي حسب مزاج كل شخص؟! لا. هذه فوضى عارمة.

– سابعا: الحرف العربي لا يعرف كيف يعبر عن خاصية التشفيه الأمازيغي الخفيف المختلس (mʷ, nʷ, gʷ, kʷ, xʷ, ɣʷ) كما في الاسم “حمُّان الفطواكي” Ḥemmʷan Elfeṭwaki. لاحظوا هذه الأمثلة الأمازيغية التي تمثل إشكالية محرجة للحرف العربي:

Ad yenʷ (سينطبخ / سيُطبخ). كيف نكتبها؟! [اذ ينُ]؟! / [اذ ينْوْ]؟!

Yenʷa (انطبَخَ / استوى). كيف نكتب؟! [ينوا]؟! / [ينُا]؟! / [يونوا]؟!

Aseggʷas (العام / السنة). كيف نكتب؟! [اسكُّاس] / [أسگُّاس] / [اسكواس]؟!

ولاحظ هذه الكلمات الأمازيغية Amakkʷas (المحموم)، Amakkas (النازع)، Akwas (الخميس).

– ثامنا: الأبجدية العربية لا تملك مقابلا واضحا وعمليا للحرف الأمازيغي Č وتعبر عنه بمعونة حرفين [تش]. مثلا في حالة التشديد تكون لدينا الكلمة الأمازيغية učči (الأكل) فكيف نعبر عنها بالحرف العربي؟ هل بـ [ؤتشي] أم بـ [أوتشي]؟! وأين نضع الشدة؟ هل على التاء هكذا [أوتّشي] أم على الشين هكذا [أوتشّي] أم عليهما معا هكذا [أوتّشّي]؟! (وكلها خاطئة لا تعبر عن النطق الأمازيغي الحقيقي للكلمة učči). إذن فالحرف العربي غير عملي تماما كما نرى.

– تاسعا: الأبجدية العربية لا تملك مقابلا واضحا وعمليا للحرف الأمازيغي Ǧ وتعبر عنه بمساعدة حرفين [دج]. ومثلا في حالة التشديد تكون لدينا الكلمة الأمازيغية iǧǧi (التراث/الميراث) فكيف نعبر عنها بالحرف العربي؟ هل بـ [ئدجي] أم بـ [إيدجي]؟! وأين نضع الشدة؟ هل على الدال هكذا [ئدّجي] أم على الجيم هكذا [ئدجّي] أم عليهما معا [ئدّجّي]؟! (وكلها خاطئة لا تعبر عن النطق الأمازيغي الحقيقي للكلمة iǧǧi). إذن فالحرف العربي غير عملي تماما كما نرى بل له نتائج عكسية تتسبب في تشويه النطق بسبب فقر الكتابة.

– عاشرا: الحرف العربي لا يملك حروف MAJUSCULES وminiscules وهي حروف شديدة الأهمية في الاصطلاح العلمي والتكنولوجي والتاريخي والاقتصادي. والأمازيغية ستستفيد حتما من الحرف اللاتيني في ذلك المجال إذا أرادت أن تصبح لغة علم واصطلاح وتكنولوجيا.

– حادي عشر: الغالبية الساحقة من القواميس الأمازيغية والدراسات الأكاديمية اللسانية الأمازيغية والإصدارات الأدبية والشعرية بالأمازيغية في المغرب والجزائر وجامعات أوروبا صادرة بالحرف اللاتيني طيلة القرن العشرين وما زالت تصدر كذلك إلى حد هذه اللحظة. والإنتاج الأمازيغي بالحرف العربي ضعيف جدا ويقتصر غالبا على بعض الدواوين الشعرية. والعمل الأمازيغي الوحيد الجدير بالذكر الصادر بالحرف العربي هو “المعجم العربي الأمازيغي” للباحث الأستاذ العلامة محمد شفيق، وهو قاموس صدر عن أكاديمية المملكة المغربية في التسعينات وهي فترة كانت موسومة بالتضييق على اللغة الأمازيغية خصوصا إذا كانت مكتوبة بالحرف اللاتيني. وكل اللسانيين المغاربة والجزائريين المتخصصين في الأمازيغية يشتغلون إلى حد الآن بالحرف اللاتيني بمن فيهم أكاديميو الإيركام بالمغرب والـHCA بالجزائر. ومعظم الإصدارات الأدبية الأمازيغية ما زالت تصدر بالحرف اللاتيني.

2) ما الذي يهمك في موضوع حرف كتابة وتدريس الأمازيغية؟

هذا سؤال يجب أن يطرحه على نفسه كل مغربي يخوض في هذا الموضوع.

– إذا كانت مصلحة اللغة الأمازيغية هي التي تهمك فأنت ستحاول النظر إلى قضية الحرف من منظار المصلحة الأمازيغية وليس من منظار مصلحة لغة أخرى أو أيديولوجية ما أو ديانة ما. وهذا هو المنطلق الصحيح للخوض في موضوع حرف كتابة وتدريس وترسيم الأمازيغية.

– إذا كنت تخوض في هذا الموضوع من منظار مصلحة العربية فأنت حاضر هنا لتلعب دور محامي العربية، وجئت لتدافع عن مصالح العربية وليس عن مصالح اللغة الأمازيغية. وهذا منطلق فاسد يجعلك طرفا غير نزيه وغير جاد في موضوع الأمازيغية.

– إذا كنت تخوض في هذا الموضوع من منظار مصلحة الإسلام (أو ديانة أخرى أو أيديولوجية أخرى) فأنت حاضر هنا لتلعب دور محامي الإسلام، وجئت لتدافع عن مصالح الإسلام وليس عن مصالح الأمازيغية. وهذا منطلق فاسد أيضا يجعلك طرفا غير نزيه وغير جاد في موضوع الأمازيغية.

– إذا كنت ترى أن مصلحة الأمازيغية تتعارض مع مصلحة المغرب فجئت هنا للدفاع عن المغرب ضد خطر الأمازيغية فأنت أجنبي عن المغرب أو انفصالي عن المغرب. لأنه لا يمكن أن يرى أحد تعارضا بين مصلحة الأمازيغية ومصلحة المغرب إلا إذا كان أجنبيا عن المغرب أو انفصاليا عن المغرب. فالمغرب هو من الأمازيغية وهو أحد أجزائها (بجانب الجزائر وتونس والبقية). ومصلحة الأمازيغية هي بالضرورة مصلحة مغربية. وإذا نجحت الأمازيغية نجح المغرب وإذا فشلت الأمازيغية فشل المغرب. وإذا ماتت الأمازيغية وانمحت وانقرضت من الوجود مات المغرب وانمحى وانقرض من الوجود وأصبح مجرد نسخة رديئة لبلد أجنبي في أوروبا أو آسيا.

إذن فأساس النقاش حول اللغة الأمازيغية يجب أن يكون مصلحة الأمازيغية وحدها وليس مصلحة اللغات الأخرى أو الأديان الأخرى. فالأمازيغية ليست تابعة لأية لغة أخرى وليست تابعة لديانة ما كالإسلام أو المسيحية.

وإذا أردنا يوما أن نناقش مشاكل اللغة العربية مثلا فأساس النقاش يجب أن يكون مصلحة اللغة العربية وحدها وليس مصلحة اللغات الأخرى كالأمازيغية أو الإنجليزية. فالعربية ليست تابعة لأية لغة أخرى وليست تابعة لديانة ما كالإسلام أو المسيحية.

3) لنضبط خريطة الحروف في المغرب والعالم الأمازيغي:

– الحرف الليبي الأمازيغي (بالإنجليزية: Libyco-Berber) هو أقدم حرف على الإطلاق استخدم في المغرب من طرف المغاربة القدامى (الأمازيغ القدامى). وتوجد به نقوش حجرية قديمة جدا في المغرب وبقية العالم الأمازيغي وحتى في جزر ثاكنارا (الكناري) يقدر تاريخها في المغرب بـ 500 قبل الميلاد.

– الحرف اللاتيني انتشر في المغرب خلال الاستعمار الروماني. وانتشر مرة ثانية خلال الاستعمار الإسباني الفرنسي. وبعد الاستقلال احتفظت به الدولة المغربية وهي تعامله حاليا كحرف رسمي في كل إداراتها ووثائقها. والمعلوم أن اللغة الفرنسية لغة رسمية للدولة المغربية على أرض الواقع وبالحرف اللاتيني طبعا ولا ينقصها إلا الترسيم الدستوري الشكلي. (طبعا يجب على المغرب التخلص من الفرنسية وتدريس الإنجليزية، ولكن هذا موضوع آخر).

– حرف ثيفيناغ (Tifinagh أو Tifinaɣ) هو حرف يستخدمه الطوارق في جنوب الجزائر ومالي والنيجر منذ قرون، وهو مشتق من الحرف الليبي الأمازيغي الأقدم منه (Libyco-Berber).

– الحرف العبري دخل إلى المغرب قبل الحرف العربي، مع هجرات اليهود إلى المغرب والعالم الأمازيغي بعد تدمير وإحراق الرومان لهيكل اليهود في أورشليم/القدس عام 70 ميلادي وهربا من التقتيل الروماني لليهود هناك.

– الحرف العربي وهو حرف دخل إلى المغرب بشكل سطحي وضعيف مع الاحتلال الأموي الوجيز لجزء صغير من بلدان الأمازيغ في حوالي عام 700 ميلادي. ثم بعد أن تم طرد الأمويين من طرف الجيوش الأمازيغية عام 741 ميلادي بقي الحرف العربي مستخدما في المساجد ومدارس القرآن وبعض دواوين السلاطين الأمازيغ المسلمين مع انتشار الإسلام الخوارجي ثم الشيعي ثم السني بالمغرب على يد الإمبراطوريات والإمارات الأمازيغية الإسلامية.

– حرف نيو – ثيفيناغ Neo-Tifinagh وهو تطوير وتحسين وتغيير حديث لحرف ثيفيناغ الطوارقي القديم، ظهر في القرن العشرين بالجزائر ثم بالمغرب على يد نشطاء ومثقفين وكتاب أمازيغيين. وتم اختراع حروف نيوثيفيناغية جديدة من طرف النشطاء وهي: ⵖⵄⴽⵇⵅⵥⵃⵚⵕ أضيفت إلى الحروف التيفيناغية الطوارقية القديمة الأصيلة وهي: ⵣⴾⴷⵆⵐⴸⵌⵘⴼⵈⵔⵝⵜⵗⴹⵏⴰⵉⵢⵓⵟⵂⵊⵍⵙⴳⴶⵀⵎ

4) الرد على الأستاذ بنعيسي حول شرط “القبول الاجتماعي للحرف اللاتيني”:

يضع الأستاذ عبد السلام بنعيسي شرط “القبول الاجتماعي والسياسي والبرلماني والشعبي” لكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني. وهذا الشرط فاسد لأن معظم الشعب المغربي والسياسيين أميون في الأمازيغية لا يعرفون كيف يكتبونها بأي حرف كان ولا يفهمون خصائصها النحوية والإملائية والتالي لا يرون الموضوع إلا من زاوية الحسابات الدينية والسياسية والحزبية والأيديولوجية.

وهذا الشرط أيضا عبثي لأن عامة الشعب والسياسيين والمثقفين منقسمون حول الموضوع. فكل واحد متمترس في قناعاته السياسية والأيديولوجية والدينية. ولا أحد منهم يهتم بالتفاصيل العلمية والتقنية لموضوع حرف اللغة الذي هو قضية تقنية وعلمية صرفة في المقام الأول.

أما الطريف في الأمر كله فهو أن الحرف اللاتيني منتشر أصلا بالمغرب في كل مكان. إذن فهو حرف “مقبول” بل “مرغوب” من طرف الدولة والشعب المغربي كحرف للفرنسية والإنجليزية والإسبانية في كل المدارس والجامعات والإدارات! وإذا قبلوه للفرنسية وغيرها فلماذا سيرفضونه للأمازيغية؟! من يرفض الحرف اللاتيني للأمازيغية ويريده للغات الأخرى ليس إلا حاسدا للأمازيغية خائفا من تقدمها وارتقائها به.

وبسبب التسييس والأدلجة العدوانية التي مارسها الإسلاميون والتعريبيون ضد اللغة الأمازيغية في أواخر عام 2002 اضطر الإيركام مرتبكا للهروب إلى تبني حرف ثيفيناغ بشكل متسرع بتصويت سري شبيه بانتخاب بابا الفاتيكان ودون أي نقاش وطني علمي أكاديمي مفتوح حول الموضوع. والحقيقة هي أن الإيركام كان قبل ذلك يتجه بشكل طبيعي وهادئ إلى اعتماد الحرف اللاتيني لكتابة الأمازيغية تناغما مع الإجماع الأكاديمي الأمازيغي المغربي على استعمال الحرف اللاتيني. فالدكتور أحمد بوكوس عميد الإيركام كان هو نفسه قد دافع في لجنة وزارية لوزارة التربية الوطنية عام 2002 عن استخدام الحرف اللاتيني لتدريس الأمازيغية ثم غير رأيه في 2003.

5) الرد على الأستاذ بنعيسي حول “دستورية” الحرف العربي:

قام الأستاذ عبد السلام بنعيسي بصياغة تخريجة دستورية عجيبة مفادها أن الحرف العربي دستوري لأن العربية لغة رسمية في الدستور وأنه بناء على ذلك يجب كتابة الأمازيغية بالحرف العربي مثل شقيقتها العربية!!! وهذا منطق خاطئ تماما. فالدستور المغربي لا يذكر الحرف العربي ولا أي حرف آخر ولا يحدد حرف كتابة الأمازيغية ولا العربية. وإذا قررت الدولة أو جريدة مغربية أو مواطن مغربي أن يكتبوا وينشروا ويطبعوا كل منشورات اللغة العربية بالحرف اللاتيني أو التيفيناغي أو الليبي-الأمازيغي أو الروسي أو العبري مثلا فهذا لا يتعارض مع الدستور إطلاقا ويدخل في إطار حرية التعبير وحرية النشر والصحافة. هناك فرق بين اللغة وبين الحرف. الدستور المغربي يتحدث عن اللغة فقط. أما الحرف فهو مجرد أداة كتابة للغة يختارها الكاتبون بتلك اللغة حسب مصلحة تلك اللغة بعينها.

وأنا أيضا أستطيع (على سبيل المثال) أن أقلد ما فعله الأستاذ عبد السلام بنعيسي فأصوغ تخريجة دستورية عجيبة أخرى مفادها: “ما دامت الغالبية الساحقة من القواميس والمؤلفات الأمازيغية مكتوبة بالحرف اللاتيني وما دامت الأمازيغية رسمية في الدستور المغربي فإنه يجب كتابة العربية والأمازيغية بالحرف اللاتيني معا لأنهما لغتان شقيقتان!”.

6) انعدام الإجماع الإيركامي حول الحرف: التغيير الفجائي للقناعات الأكاديمية العلمية

ما هو الإجماع؟ الإجماع هو أن يتفق الجميع بلا استثناء على رأي واحد.

هل اتفق أعضاء الإيركام بالإجماع على رأي واحد بخصوص الحرف؟ لا، لم يتفقوا. فقد صوت الإيركام عام 2003 في الجولة الأولى بـ14 صوتا لثيفيناغ و13 صوتا للحرف اللاتيني و5 أصوات للحرف العربي. ثم قام عدد من هؤلاء الإيركاميين بتغيير “قناعاتهم العلمية الأكاديمية” بشكل فجائي في الجولة الثانية فصوت 24 منهم لصالح حرف ثيفيناغ وصوت 8 لصالح الحرف اللاتيني وصوت 0 لصالح الحرف العربي. وهذا التغيير الفجائي للقناعات الأكاديمية (التي من المفروض أنها علمية ومبدئية) دليل قاطع على أن ذلك التصويت الإيركامي سياسي مؤدلج وليس أكاديميا علميا نزيها. فالأكاديمي لا يغير قناعاته الأكاديمية العلمية في بضع ثوان على إيقاع بورصة السياسة، وإنما هو ثابت على قناعاته ما دامت علمية ومنطقية، ولا يغير رأيه إلا لأسباب علمية واضحة كأن يكتشف معلومات علمية وتقنية جديدة مثلا.

وقضايا اللغة والحروف والعلوم لا تحسم بالتصويت السري والصفقات السياسية خلف الأبواب المغلقة بل تحسم بالندوات العلمية والمناقشات العلمية والتقنية المفتوحة أمام الجميع.

من أجل تفاصيل موقف الإيركام من موضوع حرف كتابة الأمازيغية أدعو القراء إلى قراءة مقالي المعنون “ردا على عميد الإركام: الحرف اللاتيني هو الأنفع للغة الأمازيغية”.

7) انعدام الإجماع الشعبي والسياسي حول حرف تدريس وترسيم الأمازيغية:

الإجماع غائب لدى الشعب المغربي أيضا. المغاربة جد منقسمين على أنفسهم حول مسألة الحرف. هذا فضلا عن أن الشعب المغربي أمي في الأمازيغية لا يقرأها ولا يكتبها. فالأمي قد يتكلم لغة ما بشكل شفوي ولكنه يبقى أميا فيها إذا لم يعرف قراءتها وكتابتها. ولا يعقل أن يتم استفتاء شخص أمي حول كيفية كتابة لغة يجهلها.

وعلى حد علمي لا يوجد استطلاع رأي حول آراء الشعب المغربي في الموضوع إلا استطلاع إلكتروني وحيد أجراه موقع Hespress عام 2012 وطرح فيه هذا السؤال: “ما هو الحرف الذي يصلح في رأيك لكتابة الأمازيغية؟” وجاءت النتائج كالتالي:

– الحرف العربي: 47.93%

– حرف تيفيناغ: 41.33%

– الحرف اللاتيني: 4.94%

– بدون رأي: 5.8%

عدد المشاركين في الاستطلاع: 94512

بصرف النظر عن دقة هذا الاستطلاع فهو معبر عن مدى انقسام الشعب المغربي حول الموضوع. ولكن الشيء الأهم هو أن الشعب المغربي في غالبيته الساحقة أمي في الأمازيغية لا يعرف كتابتها بأي حرف. ومعظم المغاربة لم يدرسوا الأمازيغية يوما ولم يكتبوا بها يوما جملة مفيدة واحدة. والمغاربة في غالبيتهم لم يروا كتابا أمازيغيا ولا قاموسا أمازيغيا في حياتهم. وأذهان كثيرين منهم تزدحم بنظريات المؤامرة الصهيونية الفرنكوفونية البردقيزية الأمريكية، وتمت برمجتهم في المدرسة والمسجد والتلفزة على أن الحرف العربي هو حرف الإسلام والجنة ونور الهدى وأن الحرف اللاتيني هو حرف النصرانية والاستعمار والكفار وأن ثيفيناغ هو حرف الوثنية والردة والزندقة. ونحن نعلم جيدا أنه حينما يجد الجد وتدق ساعة الحقيقة يتهافت المغاربة بشكل هستيري على تسجيل أطفالهم في المدارس الخاصة المفرنسة والمدارس العليا الفرنكوفونية والبعثات الأجنبية لتعلم لغات النصارى والكفار المكتوبة بالحرف اللاتيني طبعا. هذا فضلا عن أن الحرف اللاتيني هو الحرف الذي يستعمله غالبية المغاربة في أجهزتهم كالتليفونات والكومبيوترات وغيرها، وفي التعاملات الإدارية والاقتصادية والاستهلاكية.

ومن العجيب أن “حيحة” مقاومة الاستعمار الفرنكوفوني والذود عن لغة القرآن وحرف القرآن والحفاظ على “اللحمة الوطنية” لا تستيقظ لدى هؤلاء المغاربة إلا عندما يتعلق الأمر بكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني. فالحرف اللاتيني لديهم حلال على الفرنسية في كل أرجاء المغرب ولكنه حرام على الأمازيغية. وسيطرة الحرف اللاتيني (عبر الفرنسية) على كل المغرب بإداراته وتلفزاته واقتصاده ومدارسه وجامعاته لا تزعج المغاربة أبدا. وهوس المتعلمين المغاربة بإكثار الكلمات الفرنسية في كلامهم بمناسبة وبدون مناسبة لا يزعج أحدا. ولكن بمجرد أن نكتب الأمازيغية بالحرف اللاتيني فإنهم يتذكرون فجأة أن الحرف اللاتيني أوروبي الأصل وأنه “استعماري صهيوني شيطاني”. هذا التناقض السلوكي السايكولوجي العجيب هو من نتائج الشحن الأيديولوجي الإسلامي التعريبي الذي يشحن به المغاربة في المدارس والمساجد والإعلام المحلي والشرق أوسطي، وهو أيضا من بقايا أسطورة “الظهير البربري” الكاذبة التي سممت عقول ملايين المغاربة، فيتحولون إلى أناس بتفكير داعشي تعريبي شرس كلما تعلق الأمر بالأمازيغية ثم لا يلبثون أن يعودوا إلى تغزلهم بالفرنسية وفرنسا واستعمال الحرف اللاتيني وتدريسه لأولادهم وكأن شيئا لم يحدث.

وهناك قدر لا تخطئه العين من الغيرة لدى البعض من استعمال الأمازيغية للحرف اللاتيني. فهؤلاء لا تعجبهم فكرة أن تستفيد الأمازيغية من الحرف اللاتيني العالمي، ويريدون للأمازيغية أن تبقى ملفوفة في الحرف العربي أو في حرف ثيفيناغ حتى لا تتقدم “أكثر من اللازم” فتترك العربية وراءها. ويدعي البعض أن الحرف اللاتيني خطر على المغرب والأمازيغية بينما هو في مقدمة من يسجل أولاده في مدارس الفرنسية والإنجليزية بالحرف اللاتيني. وهذا يشبه شخصا يريد لقومه أن يبقوا متخلفين وأميين يعيشون في الأكواخ ويقنعون بالكفاف “حفاظا على التقاليد ورفضا لتيار التغريب” بينما هو يحرص على إرسال أبنائه إلى جامعات أوروبا وأمريكا ويحرص هو على العيش في الحداثة والرفاهية الغربية.

8) خلاصات عامة:

– الحرف اللاتيني هو الذي يكتب اللغة الأمازيغية بالدقة الأعلى والسهولة الأكبر.

(راجع مثلا مقالي “كيف نتقن كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني؟“).

– الحرف العربي يكتب الأمازيغية بالدقة الأدنى والطريقة الأسوء (انظر الأمثلة أعلاه).

– الحرف اللاتيني سبق الحرف العربي إلى المغرب. الحرف اللاتيني موجود بالمغرب منذ العهد الروماني (منذ 2000 عام خلت).

– الحرف العبري (المستعمل لدى اليهود) أقدم وجودا في المغرب من الحرف العربي.

– الحرف المحلي الأقدم على الإطلاق في المغرب هو الحرف الليبي-الأمازيغي Libyco-Berber وليس الحرف اللاتيني ولا ثيفيناغ ولا الحرف العربي ولا الحرف العبري.

– اختيار الحرف الأنفع لكتابة وتدريس وترسيم الأمازيغية حاليا ليس قضية سيادية للدولة بل هو قضية تقنية خاصة باللغة الأمازيغية تتم مناقشها بشكل علمي وليس بشكل سياسي.

– الأمازيغية ليست لغة تابعة للعربية ولا للفرنسية ولا للعبرية وليست ملزمة بمراعاة مشاعر ومخاوف أصحاب اللغات الأخرى. إذن فالأمازيغية نكتبها بالحرف الأنفع لها حاليا بصرف النظر عن اللغات الأخرى.

– كتابة وتدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني ليس تجاوزا للسيادة ولا للدستور ولا للدولة لأن الأمازيغية لغة أقدم من المغرب نفسه وأقدم من كل الدول الأمازيغية/المغربية.

– لا أحد يمنع اللغة العربية من أن تنتقل إلى الكتابة بالحرف اللاتيني إذا أراد لها أهلها ومحبوها ذلك.

– لا يوجد نص دستوري مغربي يأمر بكتابة العربية بالحرف العربي، لهذا فكتابة وترسيم وتدريس العربية في المغرب بالحرف اللاتيني أو بحرف ثيفيناغ أو بالحرف الليبي الأمازيغي أو بالحرف العبري ليس خرقا للدستور المغربي إطلاقا.

– لا يوجد نص دستوري مغربي يأمر بكتابة الأمازيغية بحرف معين. وكتابة الأمازيغية بأي حرف ليس خرقا للدستور المغربي إطلاقا.

– من حق المواطنين المغاربة الكاتبين بالأمازيغية أن يأمروا الدولة بأن تكتب وتدرّس الأمازيغية بالحرف الأنفع لها أو حتى بحرفين (كما في دولة صربيا مثلا)، فالدولة في النهاية خادمة للشعب وظيفتها الاستجابة لمطالبه المعقولة.

– من لم يكتب الأمازيغية في حياته لن يعرف الحرف الأنفع لكتابتها وتدريسها وترسيمها. لذا يجب تذوق الأمازيغية وممارسة كتابتها أولا قبل الحكم على الحرف الأنفع لها مثلما يتذوق الطاهي طاجينه أولا قبل أن يحكم على كمية الملح أو التوابل اللازم إضافتها.

9) يجب على الأمازيغية أن تغزو الحرف اللاتيني:

كتابة الأمازيغية بحرف ثيفيناغ فقط هو مشروع هوياتي فولكلوري رمزي باهظ الكلفة الزمنية والمالية والبشرية وستكون نتيجته شبيهة بحالة العربية اليوم. حرف ثيفيناغ سيستهلك الأمازيغية في وقت تحتاج فيه الأمازيغية إلى تسريع التدريس بشكل فعال وعملي. والحل الأمثل هو استخدام ثيفيناغ في العناوين والرمزيات واستخدام الحرف اللاتيني في التدريس وكتابة النصوص الأمازيغية. إذا تم حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني واقتصرت على ثيفيناغ فحالتها في المستقبل ستكون شبيهة بحالة العربية الآن في المغرب، أي لغة أدبية وفولكلورية ضعيفة الحضور في الاقتصاد والعلوم. وقد بدأنا نرى بالفعل بعض ملامح هذه الحالة الفولكلورية للأمازيغية بالمغرب في الإعلام.

السبيل العملي الأمثل لتحرير المغرب من التبعية للفرنسية والفرنكوفونية وتحقيق الاستقلالية اللغوية عن فرنسا هو كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني من أجل غزو مجال الحرف اللاتيني بالمغرب الذي تحتكره الفرنسية حصريا. غزو الأمازيغية لمجال الحرف اللاتيني بالمغرب سيؤدي إلى جرف و”تسياق” الفرنسية إلى خارج المغرب ووقف التشويه والتدجين اللغوي الذي تتسبب فيه الفرنسية للمغاربة.

الحرف اللاتيني يختصر الطريق أمام الأمازيغية زمنيا وماليا وبشريا ويسهل نشرها ويقوي مكانتها في المغرب وخارجه. أما بحرف ثيفيناغ فستستمر الأمازيغية في تقلد المرتبة الثالثة الشرفية الرمزية في المغرب خلف الفرنسية والعربية. وحرف ثيفيناغ يتسبب في تأخير تعميم الأمازيغية على مستويات التعليم خصوصا الثانوي الذي هو بوابة الجامعة وسوق العمل.

ومن المؤسف أن التلاميذ المغاربة يتعلمون الألمانية والإيطالية والإسبانية والإنجليزية في الثانوي بسهولة بفضل الحرف اللاتيني ولكنهم محرومون من تعلم الأمازيغية بالحرف اللاتيني في الثانويات لأن الأمازيغية مقيدة بحرف ثيفيناغ وما زالت لم تغطِّ إلا حوالي 15% من التعليم الابتدائي منذ 2003 إلى غاية الآن في عام 2018!

وعلى المستوى العالمي، سيستمر الحرف اللاتيني في السيطرة على معظم العالم في المستقبل إذا نظرنا إلى المعطيات الاقتصادية والتكنولوجية والبشرية العالمية في كل القارات. لذلك فمن الحكمة أن نجعل هذا الحرف اللاتيني خادما للغة الأمازيغية Tamaziɣt وسفيرا لها إلى العالم بدل أن نبقى متفرجين نقتات على منتوجات الحرف اللاتيني التكنولوجية بملعقة فرنسية بئيسة تكرس التبعية الأبدية للمغرب تجاه فرنسا.

مبارك بلقاسم
tussna@gmail

 * مقال صدر على موقع هيسبريس المغربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى