إلى أصحاب “أنا شاوي ولكنْ…”: إجمعو إرهابكم وانصرفو!

منذ الإعلان عن مشروع ترسيم اللغة الآمازيغية في التّعديل الدستوري المنتظر؛ أصيبت أقلام وأبواق كثير من الأفراد والجماعات بالكلب، وتفرّغ له كثيرٌ من المتجلببين برداء الإسلام من علمانيين قوميين عرب وظلاميين وإرهابيين سابقين وفلول للحزب الواحد وعملاء للمخابرات المشرقية قديما وحديثا. بعد أن صمتوا كثيــرا .. حتّى ظننتُ أنّ هؤلاء المساكين كانوا في سجنِ ما لا يسمح لهم برؤية النّور ثمّ أطلق سراحهم فتفاجؤوا بمشروع ترسيم الآمازيغية.

كأنّ ترسيم الآمازيغية لغة الوطن والمواطنين ولغة تاريخ الشمال الإفريقي أخطر من الأزمة الاقتصادية المدمّرة التي تمرّ بها الدولة الدزيرية بسبب سوء تسيير نفس النظام الذي يتّهمونه بالعمالة إذا ما تعلّق الأمر بتمازيغت لكنّهم كأنْ لم يكونوا إذا تعلّق الأمر بمسائل أخرى.

وعلى تعدّد حجج وخطابات هؤلاء المساكين، الذين كان واجبا على الدولة الجزائرية (كما أشار صديقي المسيلي علاء الدّين) قبل إعلان مشروع ترسيم اللغة الآمازيغية، أن توفّر لهم أطقما طبيّا استعجالية، وسيّارات إسعاف، بل وتفتح في كلّ المستشفيّات لهم أجنحة خاصّة بحالات الهيستيريّا والإغماءات الجماعية والإسهال والقرحة المعديّة التي أصابت على الأرجح عددا كبيرا منهم، لسماع الخبر. إلّا أنّ إحدى أكثر الخطابات، التي تبنّاها هؤلاء، خشبيّة وارتجالا وإسفافا وابتذالا، بل وأسمح لنفسي أن أقول : “غباءً”. هي القضيّة الفلسفية التي أطلقها أوّلا صديق الجماهير الكُسَعيُّة مقدّم البرامج : سليمان بخليلي، ويبدو أنّها لاقت رواجا في أوساط مروّجي ومتعاطي المخدّرات الدينية والبعثية، القضيّة المتلخّصة في Punch line “أنا شاوي ولكن…”

“أنا شاوي ولكن… لا أريد ترسيم لهجة” يقول عبد العزيز كحيل، الذي لا أعلم له انتماء إلى آوراس قط؛ يقصد “اللغة” الآمازيغية؛ هذا الرّجل محبّ الشنفرى قاطع الطرقات، وكاره تاريخ الملوك والامراء، الذي اتّخذ كغيره من الأفراد العاديين الموروثين عن الأنظمة السّابقة، من تسميّة “شاوي” سكّينا يطعنون به أنفسهم بطعنهم في هويّتهم التي ينكرون، تسميّة “آشاوي” الّتي لا هو ولا غيرُه يملكون الانتساب إليها لا قلبا ولا قالبا ولا حتّى اسما، لأنهم أكثر الناس إنكارا لها، وجهلا بمقتضياتها من لغة وتاريخ وثقافة وانتماء وهويّة وحضارة ونضال. والّتي يعلمون يقينا أنّها إحدى أكثر العبارات مصداقية وشرفا في معجم المصطلحات الدزيرية، ولذلك فقط لا غير يحاولون عبثا الالتصاق بها.

إلى أصحاب “أنا شاوي ولكن…” أقول: عندما استدركت بـ”لكن” سقطت عنك تلكَ الشّاوية الّتي تدّعي، فالقومي العروبي لا يمكن أن يكون إلّا منسلخا. شاويّتك التي لا تملك منها لا لغة ولا تاريخا ولا حضارة ولا ثقافة ولا رصيدا يثبتُ أنّك ابنها، أنتَ الّذي تجهل أبسط تفاصيل الوجود الحضاري الشّاوي، الضّارب في عمق التّاريخ. كأنّي بكَ تعني “أنا ابن أبي ولكن…” أيْ أنّكَ يا صديقي محبَّ ميشال عفلق تنكرُ أباك وتنتسب إلى رجلٍ آخر، ولكنَّكَ تطالب بحقّكَ في ميراث أبيك.

إنّ أغرب ما يمكن أن يلاحظ على أصدقاء “تأبّطَ شرّا” هؤلاء هو النمط الذي يجمعهم؛ فكلّهم مناصرون للحزب المحظور الذي جرّ البلاد إلى عشريّة سوداء كادت تودي بها إلى التهلكة، وكلّهم في نفس الوقت من حاملي الفكر العفلقي ومناصريه ورافعي لواء البعثية .. خلطتان غريبتان، كخطّين متوازيين لا يلتقيّان .. بل يلتقيّان، في عقول ملووثة بداء الاستلاب واحتقار الذّات والتاريخ واللّغة، هي أعراض تظهر على مرضى الـXenocentrism الّذين يمقتون كلّ ما يتعلّق بهم ويمجّدون كلّ ما يتعلّق بالآخر.

إلى هؤلاء المرضى أقول: “أنا شاوي . قف” واجمعوا إرهابكم وانصرِفوا، فالشّاوي ليس شمّاعة يعلّق عليها كلّ المرضى والإرهابيين والظلاميين حقدهم وغلّهم من البلاد التي آوتهم، الشّاوي صاحب الأرض، وربّ اللغة، والتاريخ والثقافة والحضارة، فلتعلمو…

ڨاسمي فؤاد