إرتباط الحركة الأمازيغية بالنضال السلمي في الجزائر

مقدمة:

  إذا كان التيار العروبي القومجي المستورد قد تحالف مع جيش الحدود سنة 1962 وانقلب علي المؤسسات الشرعية المنبثقة عن الثورة التحريرية و تحالف مع بومدين بعد انقلابه عام 1965. وفشل في بناء دولة حديثة ديمقراطية،وإذا كان التيار الإسلامي المتطرف قد وقع في فخ اللجوءالي العنف ضد الدولة في التسعينات وكاد أن يؤدي الى انهيار الدولة، فإن الحركة الأمازيغية كانت أكثر حنكة و تحضرا بتبنيها النضال السلمي الديمقراطي في مواجهة كل من السلطة و العروبيين و الاسلاميين الذين تحالفوا ضد القضية الأمازيغية فكان حركة وطنية وشعبية بامتياز 

  حقيقة تمكن  مناضلي الهوية الأمازيغية في الجزائر من المحافظة على طابع السلمية بعيدا عن العنف في مطالبتهم بالإعتراف الوطني و الرسمي باللغة و الثقافة الأمازيغية على مدار ما يزيد نصف قرن من النضال و التضحية و في مواجهة نظام ديكتاتوري و شمولي متحالف مع القوميين العروبيين دون تعب أو ملل ورغم الإغتيالات التى طالت العشرات من عناصر الحركة ونفي البعض الى الخارج و زج البعض الأخر في السجون , إلا أن  حنكة المناضلين فيها عملوا منذ الاستقلال على ربط المطلب الأمازيغي بالنضال من أجل  تكريس الديمقراطية المبنية على التعددية بكل اشكالها : التعددية السياسية ، النقابية ،اللغوية، الفكرية   و كذلك حقوق الإنسان، كل ذلك في اطار السلمية من جيل الى جيل.

  ونتيجة للسلمية تمكنت الحركة الأمازيغية  من الحفاظ على شرعية مطالبها و تحقيق العديد من المكتسبات بدءا من ادراجها في الجامعة ثم المدرسة فوسائل الإعلام في التسعينات الى ترقيتها لغة وطنية سنة 2001 ، لتصبح لغة رسمية سنة 2016. فكيف تمكنت هذه الحركة من عدم الوقوع في فخ مواجهة عنف الرسمي بعنف مماثل و تبنيها للنضال السلمي؟

1- تتوزيع الأدوار بين مناضلي القضية الأمازيغية :

إنقسم مناضلو الهوية الأمازيغية خلال فترة حكم الحزب الواحد بظهور أربعة فئات من المناضلين المدافعين على الثقافة واللغة الامازيغية  بأدوار متنوعة ، الفئة الأولى تمثلت في النخبة و الجامعيين  و الفئة الثانية تمثلت في السياسيين و الفئة الثالثة كانت للطلبة أما الفئة الرابعة فكانت من نصيب الفنانين من شعراء و مغنين و رجال المسرح.

أ-فئة الجامعيين و المثقفين:

لجأت هذه الفئة للعمل في السرية بعيدا عن الأضواء على جمع التراث الأمازيغي القديم من تاريخ و أدب  وشعر و على رأسهم مولود معمري  وكاتب ياسين وجون عمروش،مفدي زكريا وشغل البعض منهم خارج الوطن في القضية أمثال بسعود محند اعراب  وعمّار الشاوي (نقّادي) و سالم شاكر والتي رأت في ذلك أولوية .

وأهم مجهود يتمثل فيما قام به مولود معمري الذي ارتبط اسمه بالربيع الأمازيغي  وقد تناول في أعماله الغزيرة مفهوم الهوية عبر مجموعة من الدراسات وسلسلة مقالات نشرها ابتداء من سنة 1938 في مجلة “أكدال” المغربية، وكانت تهتم بثقافة المجتمع الأمازيغي. ترك بصماته واضحة في كل المشاريع الفكرية، والمبادرات العلمية التي استهدفت إبراز الثقافة واللغة الأمازيغيتين. كما أسّس لـ”لسانيات أمازيغية”، ووضع أبجدية الحروف “تاجرومت نتامازيغت”، وهي مجموعة قواعد تضبط نحو اللغة. تحولت هذه الضوابط إلى سند لكل دارس للغة، وشكلت أرضية أساسية لفهمها، والإلمام بها بشكل دقيق، وأصبح بهذا الإنجاز رمزا لكل أجيال الثقافة الأمازيغية.

 

ب-فئة السياسيين:

أما  الفئة الثانية  تجسدت في المناضلين السياسيين الذين ينشطون في السرية  الذين يناضلون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان الذين ربطوا مطلب الثقافة الأمازيغية ضمن الحقوق السياسية المبنية على التنوع الثقافي والتعدد اللغوى و السياسي للمجتمع الجزائري  و يتجسدون في جبهة القوى الاشتراكية الذي يتزعمه حسين آيت أحمد الذي كان يعيش في المنفى و الذي منح الغطاء السياسي للحركة عبر تدخلاته في العديد من وسائل الإعلام الأجنبية  و حذى حذوه  مناضلون شباب  مثل سعيد سعدي، سعيد خليل و رشيد حاليت، علي براهيمي، …..دون نسيان مناضلي حزب الطليعة الإشتراكية ذو التوجه الشيوعي  ومن قادته : بوعلام خالفة، والهاشمى الشريف، عبد الحميد بن زين، نور الدين زنين، وقد تعرض أغلبهم للقمع والسجن وكان أشهر سجنائها طبعا بشير حاج علي. 

ج-فئة الطلبة و الشباب:

و الفئة الثالثة التى  يمثلها الطلبة  الذين كانوا في احتكاك مع الأكادميين الجامعيين والسياسيين من جهة ومن جهة أخرى مع الفنانين على المستوى الشعبي . دورهم كان  تعبئة  وتوعية الجماهير والشباب  بضرورة بعث هويتهم و الحفاظ على لغتهم و ثقافتهم  ، وقد كانت الوسيلة الحاسمة  التى تمكنت من مواجهة السلطة و التيار العروبي.و تمركزت نشاطاتهم على مستوى جامعة الجزائر و جامعة تيزي وزو بعد تأسيسها دون أن ننسى دور الطلبة الذين كانوا يدرسون بالجامعات الفرنسية.

د– فئة الفنانين:

إرتبطت العديد من أسماء الفنانين من مغننين وشعراء ارتباطا وثيقا بالقضية الامازيغية والدفاع عنها منهم سليمان عازم، لونيس آيت منقلات، إيدير، معطوب الوناس، فرحات مهني وغيرهم، الذين عملوا على نشر الوعي السياسي في أوساط الجماهير،عن طريق أغانيهم الملتزمة و حفلاتهم التى كانت تستقطب المئات من الشباب المتعطش للثقافة  ، و كرد فعل أقدمت السلطة على منع سليمان عازم من دخول التراب الوطني الى غاية مماته سنة 1982,و إعتقال في العديد من المرات الفنان لونيس آيت منقلات وفرحات مهني خاصة في نهاية السبعينيات ومنصف الثمانينات .

 

2-ملامح النضال الأمازيغي السلمي في عهد الحزب الواحد(1962-1989)

في أواخر الستينات قام مجموعة من المناضلين على رأسهم بسعود محمد أعراب الذي انشق عن الأفافاس تأسيس جمعية ثقافية في باريس سميت بالأكاديمية البربرية  سنة 1967.

و كانت بداية التصعيد مع السلطة بمناسبة مشروع إثراء الميثاق الوطني سنة 1976، ثم منع العديد من النشاطات الثقافية بين 1977و 1979، ثم تأججت بعد تعيين  الشاذلي بن جديد في منصب رئيس الجمهورية ، فيما يسمى بالربيع الأمازيغي سنة 1980  الذى شهد عدة مضاهرات سلمية في ولايات الوسط الجزائري بعد منع مولود معمري من القاء محاضرة بجامعة تيزي وزو حول الشعر القبائلي القديم ، رافعة المطالب الثقافية و اللغوية الامازيغية ، وربطها بالطالب السياسية كالديمقراطية و إطلاق سراح السجناء السياسيين و إحترام حقوق الانسان ، فكان رد السلطة عنيفا، و من أجل منع امتداد الاحتجاجات الى المناطق الأخرى من الجزائر وضفت إشاعات عبر صحافتها و الحزب مفاده حرق العلم الوطني و حرق المصحف الشريف من قبل المتضاهرين، وعرفت هذه الأحداث إعتقال العشرات من الشباب و الطلبة  أمثال : سعيد سعدي ، سعيد خليل، جمال زناتي ، عبي براهيمي…. الذين أسسوا سنة 1987 الحركة الثقافية البربرية، لتتجدد المطالب سنة 1982 ، ثم 1985 بميلاد الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان جمعية أبناء الشهداء و ما أدى خلالها من اعتقال العديد من المناضلين و على رأسهم المحاميين : على يحى عبد النور والأستاذ مقران أيت لعربي  والفنان فرحات مهني.

 

3- تصاعد النضال السلمي  أجل الهوية الأمازيغية  (1990-2002):

قام جناح من السلطة سنة 1989 بالدفع ببعض مناضلي الحركة الثقافية البربرية نحو تأسيس حزب سياسي للتكفل بالدفاع عن المطلب الثقافي ، ازدادت الحركة الثقافية البربرية قوة و تأطيرا و نشاطا ممّا دفعها للمطالبة بترسيم اللغة الأمازيغية لغة وطنية و رسمية، و إعتبارها عنصرا من عناصر الهوية الوطنية،و قد تبنى هذه المطلب أساسا كل من الأفافاس و الأرسيدي و حزب العمال ، معتبرينها مطالب مشروعة للشعب الجزائري.

و شهدت هذه المرحلة بخصوص المسألة الأمازيغية تنازلا طفيفا من طرف السلطة إتجاهها ، حيث إعترفت ضمنيا بمشروعية مطلب الأمازيغية كعنصر من عناصر الهوية الوطنية من خلال السماح والترخيص للمسيرات المطالبة بالأمازيغية من خلال خطاباتها الرسمية ، والموافقة على إنشاء معهد اللغة والثقافة الأمازيغية بجامعة تيزي وزو سنة 1990،وتسمية جامعة تيزي وزو بإسم الأديب مولود معمري.

 إلا أن أجنحة داخل السلطة عملت على عرقلة تكريس هذا المطلب بدعوى أن الظروف غير سانحة لذلك، ولكنه في الواقع كان  بقصد توظيف الملف  سياسيا مستقبلا لترتيب الساحة السياسية.

وفي سنة 1995، نادت الحركة البربرية بإضراب مفتوح عن الدراسة بمنطقة القبائل، تحول الى سنة بيضاء ، تمكنت الحركة من خلاله إفتكاك إنشاء المحافظة السامية للأمازيغية، إدراج اللغة في المدرسة،و إدخالها في التلفزيون العمومي لأول مرة بعد 32 سنة من الإستقلال.

و في نفس السنة  وفي وثيقة العقد الوطني (لقاء روما) التى وقعها كل من حسين أيت أحمد عن الأفافاس و عبد الحميد مهري (أمين عام الأفلان)، أحمد بن بلة (رئيس جمهورية سابق) و الويزة حنون( حزب العمال) و جاب الله (النهضة) و أنور هدام عن الجبهة الاسلامية للإنقاذ ، و علي يحي عبد النور عن رابطة حقوق الانسان، ينص فيه الموقعون على أنه يجب أن تكون الأمازيغية لغة وطنية و رسمية ، وهو أول اعتراف للطبقة السياسية بالمطلب.

   في العام 1996،و بمناسبة التعديل الدستوري  تمّ الاعتراف و لأول مرة  بالأمازيغية في ديباجة الدستور الجديد بوصفها مكوناً للهوية الوطنية إلى جانب العروبة والإسلام. وكان أوّل نوفمبر 1954 نقطة تحوّل فاصلة في تقرير مصيرها وتتويجا عظيما لمقاومة ضروس، واجهت بها مختلف الاعتداءات على ثقافتها، وقيمها، والمكوّنات الأساسية لهوّيّتها، وهي الإسلام والعروبة والأمازيغية. وتمتدّ جذور نضالها اليوم في شتّى الميادين في ماضي أمّتها المجيد“، و بمناسبة التعديل يصرح الرئيس اليامين زروال “كلنا امازيغ“.

في سنة 1999 غادر اليامين زروال السلطة ، و عوضه  عبد العزيز بوتفليقة في منصب رئيس الجمهورية ، في ظل  ظروف داخلية ودولية معقدة ، فأعلن عن مباشرة عدة إصلاحات، و ردّد  عبارة ” نحن أمازيغ” إلا أنه إشترط الإستفتاء الشعبي لإعتبارالأمازيغية لغة وطنية و رسمية، وهو ما أثار حفيظة دعاة الأمازيغية و السكان الأمازيغ في الجزائر، فكيف يعقل أن يستفتى الشعب  عن أصله و لغته؟.

ولم تمر سوى سنتين  من ذلك حتى إندلعت احداث الربيع الأسود مطالبة بالإعتراف باللغة الأمازيغية لغة وطنية و رسمية ، وكان رد السلطة عنيفا ، راح ضحية الأحداث أزيد من 126 شاب قتل برصاص قوات الأمن و الدرك الوطني، دامت المواجهات ما يقارب العامين.

 

4– التصدي لفخ المواجهة المسلحة و الحفاظ على السلمية

خلال نصف قرن من النضال من اجل الإعتراف بالهوية الأمازيغية في الجزائر المستقلة عرف مناضلو القضية الأمازيغية إضطهادا رهيبا من طرف السلطة و التيار الإسلامي العروبي خاصة في فترة السبعينيات و الثمانيات و إزداد حدة خلال التسعينيات و تجسد الإضطهاد من إغتيال العديد من المناضلين و نفي بعضهم و الزج في السجون بدعوى المساس بأمن الدولة.

فبعد نفي غداة الإستقلال  العديد من السياسيين الثوريين أمثال حسين آيت احمد، و كريم بلقاسم الذي سوف يغتال لاحقا، و بسعود محند آعراب الضابط السابق في جيش التحرير الوطني مؤسس الأكاديمية البربرية بباريس ورشيد علي يحى مفجر الأزمة البربرية سنة 1949,طال النفي العديد من الفنانين وعلى رأسهم المطرب الشهير سليمان عازم، و اعتقال العديد من الطلبة سنوات السبعينيات  و في أحداث 1980 ، تطور الإضطهاد الى حد  الإغتيالات  ففي يوم 02 نوفمبر 1982 تم اغتيال الطالب “كمال أمزال” الذي يعرف النضال عن الديمقراطية، الحرية و الثقافة الامازيغية من طرف الجماعات الإسلامية المتطرفة بالحي الجامعي لبن عكنون (الجزائر).

كما شهدت  سنة 1987 اغتيال  المناضل في جبهة القوى الاشتراكية  ومدافع حقوق الانسان  و الضابط السابق في جيش التحرير الوطني “علي مسيلي” في باريس  سنة 1987.

و في التسعينيات تم اغتيال العشرات من المثقفين الأمازيغ أمثال طاهر جاووت و اسماعيل يفصح والجيلالي اليابس،و تم إخططاف المطرب معطوب الوناس في سبتمبر 1994،وقد حرضت بعض الداوئر على دفع سكان القبائل برفع السلاح ضد الجماعات المسلحة من أجل تحرير الفنان و فك سراحه، لولا تدخل العقلاء لنشبت حرب أهلية بين القبائل و الجماعات الإسلامية المتهمة بالإخططاف.

ونفس السيناريو تكرر بمناسبة إغتياله  في جوان 1998 لما أعرب محبي الفنان عبر المسيرات عن غضبهم و تنديدهم باغتيال المناضل و المدافع عن القضية الأمازيغية  ، و إستغلت بعض الأطراف في السلطة تحرير بعض الشبان على العنف، و أخطر من ذلك توزعت بعض المناشير مجهولة المصدر تعلن عن ميلاد ما يسمى بالجيش القبائلي يدعوا الى رفع السلاح ضد السلطة و الجماعات الإرهابية و هو المشروع الذي أجهضته الحركة الثقافية البربرية و كل من الأفافاس و الإرسيدي و نددت أيضا به زعيمة حزب العمال.

لم تهدأ المناورات ، لتتجدد سنة 2001 عقب اغتيال الشاب قرماح ماسينيسا في ثكنة تابعة للدرك الوطني بآث دوالة ولاية تيزي وزو وأدت الإحتجاجات السلمية الى مقتل 126 شاب ، وكادت الأحداث تأخذ مجرى العنف المسلح لولا التأطير القوى لحركة العروش  و تواجد مناضلي الأفافاس و الآرسيدي  و رابطة حقوق الإنسان في الميدان التى تمكنت من الحفاظ على السلمية .

ورغم ميلاد حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل و تحولها الى حركة انفصالية علي يد مؤسسها فرحات مهني إلا أنها حافظت على الإطار السلمي لنشاطها،ورغم معارضة مشروعها من طرف معظم سكان المنطقة و على رأسهم  حسين أيت أحمد  الذي يعتبر الوحدة الوطنية خط أحمر و حذى حذوه الآرسيدي، إلا أن نخبة المنطقة  دخلت في نقاش فكري حول ضرورة اصلاح الدولة باقتراح عدة أنظمة تسيير، فمنهم من يرى ضرورة العودة الى نظام الولايات التاريخية ، ومن يرى تبني نظام الجهات أو الأقاليم ، ومن يقترح النظام الفيديرالي , لكن الجميع متفق على فشل النظام الإداري الحالي.

 

5- إنتصار النضال السلمي للقضية الأمازيغية:

عرف بداية القرن الواحد و العشرين تحقيق أهم مطلب و المتمثل في دسترة اللغة الامازيغية  حيث إعترفت الدولة بالأمازيغية لغة وطنية سنة 2002 عن طريق تعديل الدستور عبر البرلمان. بعد أحداث الربيع الأسود التى عرفتها منطقة القبائل سنة 2001, ويعتبر ذلك بداية للإنتصار للحركة الأمازيغية في الجزائر

ولأول مرة يتحدث مسؤول سامي في الدولة باللغة الأمازيغية ، حيث ألقى رئيس الحكومة السيد أحمد أويحي خطابا أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، وذلك في خضم الأحداث التى عرفتها منطقة القبائل .

وأمام الضغط المتزايد لحركة الحكم الذاتي التى أسسها سنة 2002 المناضل فرحات مهني بسبب تحريكها كل مرة الشارع القبائلي، هذا المشروع الذى تحول من المطالبة بالحكم الذاتي الى المطالبة بالإنفصال بسبب تجاهل الدولة للهوية الأمازيغية و عملها على قتل شباب المنطقة بالرصاص عام 2001 ، و في خضم هذه التحولات ،قرر رئيس الجمهورية سنة 2016، أقدم مرة أخرى على تعديل ثاني للدستور عبر البرلمان ، مدرجا فيه اللغة الأمازيغية لغة رسمية، و انشاء اكاديمية تتكفل بهذه اللغة.

حيث نصت المادة  الرابعة من هذا التعديل الدستوري على  : تمازيغت هي كذلك لغة وطنيّة و رسميّة. تعمل الدّولة لترقيّتها وتطويرها بكل تنوّعاتها اللّسانيّة المستعملة عبر التراب الوطني.
يُحدث مجمّع جزائري للّغة الأمازيغيّة يوضع لدى رئيس الجمهورية.
يستند المجمّع إلى أشغال الخبراء، ويكلّف بتوفير الشروط اللاّزمة لترقية تمازيغت قصد تجسيد وضعها كلغة رسميّة فيما بعد”

في ديسمبر 2017 تجددت المسيرات و الإحتجاجات في العديد من الولايات في كل من : بجاية ، تيزي وزو، سطيف، باتنة، بومرداس، العاصمة، البليدة، بسكرة….. مطالبة بتفعيل ترسييم الأمازيغية و تعميمها على المستوى الوطني مع الزامية تدريسها ،و بعد أسبوع من هذه المظاهرات يعلن رئيس الجمهورية بتاريخ 27 ديسمبر عن إعتراف الدولة بيناير ( رأس السنة الامازيغية) عيدا وطنيا و الإعلان عن إستحداث أكاديمية اللغة الأمازيغية، و البحث عن سبل تعميمها.

 

خاتمة:

رغم بشاعة القمع المسلط على مناضلي الحركة الأمازيغية في الجزائر من طرف النظام الحاكم وطول مدة النضال من أجل الإعتراف بالهوية الأمازيغية منذ ما يزيد عن 60 سنة، إلا أن هذه الحركة لم تفشل رغم  الإضطهاد الذي طال أعضائها، ورغم محاولات تشتيت صفوفها و إختراقها أحيانا و رغم مساعي تشويهها من طرف السلطة و إتهامها بالعنصرية و العمالة للخارج  و تعتيم نشاطها، إلا أنها تمكنت من تجنيد مئات الآلاف من الجماهير  حولها على مر الأجيال، , و أن تفرض وجودها على الساحة الوطنية كقوة لا يستهان بها و تحقق عدة انتصارات لصالح القضية الأمازيغية كل ذلك كان بفضل الوعي السياسي لنشاطائها و محافظتهم على الطابع السلمي لمطالبها، عكس الحركات الإسلامية التى وقعت في فخ التطرف واللجوء الى العنف المسلح.

بقلم: موزاوي علي، أستاذ جامعي