القرارات الجمهورية الأخيرة , تفعيلٌ لترسيم الأمازيغة أم تأميم لها ؟

بعد أقل من شهر مما أٌعتبر إنتصارا للقضية الهوياتية في الجزائر برزت حقائق الواقع المخفي تحت عدة تجليات مختلفة المستويات و الأبعاد ليطرح السؤال الشرعي الوحيد هل كانت القرارات في صالح الأمازيغية لغة و هوية أم أن القضية سرقت من أبنائها الشرعيين ؟

ما اعتبره الكل انتصارا أعتبره اليوم و أنا بكامل قوايا العقلية و قدراتي الادراكية كأسوأ ضربة تلقتها القضية ,فبعد نشوة انتهت يو الثالث عشر جانفي برز ما كان متواريا بشكل مكبوتات مؤجلة التفعيل أو كما يقو المثل الشاوي “آم ازان ذي ثالا”فقد إنكشفت أمور على عدة أصعدة تجعلني شخصيا متوجسا و متشائما .

و مما ظهر يمكن تصنيفه في محورين إثنين متداخلي التأثير ,الاول رسمي و الثاني مجتمعي أو بالأحرى حَرَكي ,أما الرسمي فما أعتبر إنتصارا لم يتجاوز حالة التأميم ولا أقصد التأميم البلوريتاري بل على العكس فالأمر أقرب إلى مصادرة أوليغارشية فبعد أن كانت الأمازيغية بكل أبعادها اللغوية و الهوياتية تنمو بشكل طبيعي و تتطور بفضل حراك شبه شعبي وان كان نوعا ما نخبوي عضوي مؤثر في المجتمع و أنا هنا أتحدث دون تقييد اقليمي أو جهوي ,صار اليوم تحت حالة الترقب لما ستكون عليه طبيعة الأكاديمية المزمع إنشاؤها ,أي أن الأمازيغية صارت رهن الحالة المؤسساتية و حين نتحدث عن المؤسسة فنحن نتحدث عن مؤسسة في بلد من العالم الثالث تأسس كدولة من دول ما بعد الاستعمار أي أن الحالة المؤسساتية فيها فاشلة بداهة و خاضعة لتسييس سلطوي , أي وبعد اخراج القضية من مسؤولية أبنائها الشرعيين صارت في أيدي أعداء الأمس أي و أعيد و أكرر على الطريقة الزروالية أن أعدائها بالأمس القريب جدا هم من سيتكفلون بتطويرها و ترقيتها على شاكلة الثورة الزراعية و التي أرجعت الفلاحة الجزائرية إلى العصر الحجري الوسيط أو السد الأخضر الذي لم يقضي إلّا على التصحر كقضية بيئية من و جدان الشعب وهذا ليس اتهاما للأكادميين الذين قد يؤسسون هذه الأكاديمية بل تصريح بكون الأمازيغية خرجت من اللعبة السياسية لبعض المعارضين لتصير ورقة مؤثرة و متأثرة بالواقع العفن للتسلط السياسوي للنخب الحاكمة.

فهل ستكون الأكاديمية مؤسسة مستقلة خاضعة للمخرجات العلمية و التشريعية و أقصد بالأخيرة ما ورد في الدستور من ترقية الأمازيغية بكل متغيراتها أم أنها مجرد مخبر لقتل اللغات الحية في الجزائر و إستبدالها بطريقة فوقية بزومبي لغوي على شاكلة التجربة الصينية ,و ثانيا هل هي ذات صلاحية إستشارية للمشرِّع أي على سبيل المثال لو إختارت الأكاديمية أبجدية ما هل يمكن أن يصل المشرِّع إلى تجريم الكتابة بأبجدية أخرى ؟ و كما قلت هذا مجرد مثال لكنه مثال شامل على الحد من التطور الطبيعي للغة الأمازيغية و ترقيتها وهذا سيأتي في إطار الحديث عن المحور الثاني و هو المحور شبه الشعبي أو شبه المجتمعي و إستخدمت كلمة شبه لإقصاء المعادين مع سبق الاصرار و الترصد للقضية و تهميش كل طروحاتهم و ياليت كان بامكاني اقصاء و تهميش جحافل الميليطوز -الزاي للجمع و لي فيها مآرب أخرى- و إستكمالا لآخر مثل من المحور السابق و من أهم ما برز لدى المناضلين أو بالأحرى الغير معادين للقضية إشكالية اللغة الموحدة و إشكالية أبجدية الكتابة ,وهنا نتسائل هل كانت القضية مطروحة بهذه الحدة قبل القرارات الجمهورية ,الجواب الأكيد لا و مليون لا ,لكن النزوع لطرح مثل هاتين الإشكاليتين جاء بدوافع نفسية متأثرة عبر عقود بقوة النخبة المتسلطة سياسيا أي أن كل من يطرح هذه الاشكاليات الآن ينطلق من ضرورة فرض الحلول الملائمة للمزاجات النضالية بطريقة فوقية أي أنه إعطاء شرعية للمصادرة و الأسوأ هو التواكل المفرط على الحالة المؤسساتية الرسمية للقضية ,مهمشين ضرورة التطور الطبيعي المطلوب علميا و للتوضيح نستمر في مثالنا السابق و هو أبجدية التدوين ,و بعيدا عن النقاشات و غلقا لباب الفتنة نوضح الرأى الأكاديمي المتفق عليه و هو أن السوق اللغوي هو من يفرض الواقع و بشكل مبسّط ,من أراد أي أبجدية كانت للتدوين و إن اختار السينسكريتية فما عليه إلّا الإنتاج بها و إغراق سوق الطلب و التأثير المباشر في المُتلقّي و مراكز التكوين العلمي أما أن يتجادل الميليطوز و يتعادى الرفاق و هم في أغلبهم لا يكتبون و لا يقرأون الأمازيغية أي و بصراحة أن يتناقش الأميون في أمور نخبوية -أعتذر على التعبير-فهذه مهزلة حقيقية تجسد المثل الشاوي وارد الذكر بكل مناظره و روائحه.

لذا نحن كأبناء للقضية و أقصد بنحن الجميع حتى من يعتقد أن مقالي مسيء له شخصيا أن نعيد قضيتنا للشارع بعيدا عن الحالة المؤسساتية و من أهم ما يجب هو إبعاد أنفسنا عن الحالة المزرية للإستقواء و الإستجداء من منظومة تأسست و عاشت بالعداء الممنهج للقضية الهوياتية في دزاير متجاهلين كل ما مر خلال هذا الشهر أن نركز على مشروع ذو جدوى حضارية بنظر استراتيجي عابر للأجيال.

“يا أبناء القضية : إتّحدوا ” تحت المباديء المؤسِّسة لقضيتنا.

موح ترّي