وجهة نظر مغربية : الجزائر تسير بثبات نحو مأسسة ترسيم الأمازيغية بالحرف اللاتيني

 

منذ بدء تدريس اللغة الأمازيغية في الجزائر لجزء من تلاميذ المدارس الثانوية والإعدادية والابتدائية ابتداء من عام 1995 والنهج الرئيسي القائم إلى حد الآن هو كتابة الأمازيغية بالألفبائية اللاتينية Agemmay Alatin. وهو بذلك استمرار للنهج السائد طيلة القرن العشرين لدى الأكاديميين والمؤلفين الأمازيغيين الذين كتبوا الأمازيغية دائما بالحرف اللاتيني في قواميسهم ودراساتهم ورواياتهم الأدبية.

ولم يصدر في الجزائر قرار رئاسي ولا قانون رسمي يفرض كتابة الأمازيغية بحرف معين وإنما الأمر متروك للكتاب والمتخصصين والأكاديميين.

الباحثون والمتخصصون والمدونون الجزائريون القبايلون والشاويون يختارون تلقائيا من عند أنفسهم أن يستعملوا الحرف اللاتيني في النصوص التي يكتبونها بالأمازيغية. ولكنهم أحيانا يستعملون حرف Neo-Tifinagh في كتابة العناوين أو الرمزيات. وحتى في تلك العناوين والرمزيات يكون الحرف اللاتيني حاضرا أيضا لأنهم يعرفون أن معظم الجزائريين لا يستطيعون قراءة حرف ثيفيناغ Tifinaɣ.

1) الحرف اللاتيني حرف شبه رسمي لكتابة الأمازيغية بالجزائر مدرسيا وإداريا:

ويبدو أن هذا سيكون نهجا شبه رسمي de facto ستسير به الأمازيغية في المؤسسات الرسمية للدولة الجزائرية لسبب بسيط هو أن كل من يؤلف أو يكتب شيئا بالأمازيغية حاليا في الجزائر إنما يكتبه بالحرف اللاتيني. بعبارة أخرى: تقريبا، لا يوجد أحد يكتب النصوص الأمازيغية الموجهة لعامة القراء بحرف ثيفيناغ ولا بالحرف العربي.

ونجد نماذج عديدة لكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني (أحيانا مع عناوين بثيفيناغ واللاتيني) في وثائق الدولة الجزائرية ومؤسساتها، منها مثلا:

– ترجمة الدستور الجزائري الجديد إلى الأمازيغية بالحرف اللاتيني والتي صدرت عن “المحافظة السامية للأمازيغية” (HCA) التابعة للدولة الجزائرية. ونجد هذه الترجمة عبر هذا الرابط 

– أول بيان إداري روتيني صادر بالأمازيغية بالحرف اللاتيني عن وزارة الداخلية الجزائرية، ونجده هنا 

– امتحان الباكالوريا الجزائري السنوي في مادة اللغة الأمازيغية يتم توزيعه في قاعة الامتحان بثلاث نسخ متطابقة (الحرف اللاتيني، ثيفيناغ، الحرف العربي) ويجيب الطالب على الأسئلة بالحرف الذي يريد. ولكن الغالبية العظمى من تلاميذ الثانوي والإعدادي والابتدائي الذين يدرسون الأمازيغية في الجزائر يدرسونها بالحرف اللاتيني. وهذا هو امتحان الباكالوريا الجزائري في مادة اللغة الأمازيغية لعام 2017 عبر هذا الرابط

– معظم الكتب المدرسية الجزائرية لمادة اللغة الأمازيغية لمستويات الثانوي والإعدادي (المتوسط) والابتدائي مكتوبة بالحرف اللاتيني. وتوجد أيضا نسخ منها بحرف ثيفيناغ والحرف العربي ولكن النسخة اللاتينية هي الأكثر استخداما من غيرها في المدارس الثانوية والإعدادية والابتدائية.

ونلاحظ في هذه النماذج الجزائرية أن عنوان الكتاب أو الوثيقة الأمازيغية يكون بحرف ثيفيناغ والحرف اللاتيني معا، أما النص الأمازيغي فهو يكون بأكمله بالحرف اللاتيني لوحده.

والإنتاج الأدبي الجزائري الأمازيغي (القبايلي والشاوي والمزابي) المستقل هو مكتوب كذلك بأكمله تقريبا بالحرف اللاتيني مع استعمال ثيفيناغ واللاتيني في العناوين، بالضبط كما رأينا مع الوثائق الأمازيغية الرسمية للدولة. ومن شبه المؤكد أن الأمور ستستمر كذلك.

إذن نلاحظ في الجزائر أن كيفية كتابة الأمازيغية في وثائق الدولة الرسمية وفي المدرسة هي استمرارية لطريقة كتابة الأمازيغية في المجال الثقافي لدى الناشطين والمؤلفين والجمعيات المستقلة. أي: لا توجد قطيعة في المنهج بين المجال الرسمي للدولة والمجال الأكاديمي والثقافي المستقل. وهذا عكس الحالة المغربية التي تشهد قطيعة تامة بين المجالين. فالأكاديميون المغاربة يستعملون الحرف اللاتيني في دراسة الأمازيغية وتدوينها أكاديميا ولكن الواجهة façade مدونة بحرف ثيفيناغ.

2) المنطق العملي يفرض نفسه تلقائيا: الحرف اللاتيني هو حرف تدوين الأمازيغية

هذا النهج إذن لم يأت بقرار فوقي من السلطة الجزائرية الحاكمة وإنما هو قرار تلقائي من أساتذة وكتاب وأكاديميي الأمازيغية أنفسهم بمن فيهم أعضاء وأكاديميو “المفوضية السامية للأمازيغية” بالجزائر (HCA) (وهي المقابل الجزائري للإيركام IRCAM المغربي) التي تصدر كل منشوراتها الأمازيغية بالحرف اللاتيني. وفي الجامعات يتم استخدام الحرف اللاتيني في كل الأبحاث الأمازيغية وكذلك في معظم الانتاجات الأمازيغية الأدبية والصحفية.

وحتى لو حاولت الدولة الجزائرية يوما أن تفرض الحرف العربي أو حرف ثيفيناغ في كتابة اللغة الأمازيغية وأن تمنع تدريسها بالحرف اللاتيني (كما فعل المغرب في 2003) فإن مصير ذلك هو الفشل الذريع لأن الدولة لن تجد من يكتب لها بياناتها ووثائقها الأمازيغية بالحرف العربي أو بحرف ثيفيناغ فضلا عن أن لا أحد سيقرأها. وحتى لو نجحت الدولة في فرض خياراتها بشكل سلطوي ضد توصيات الأكاديميين والمتخصصين في الأمازيغية فإن اللغة الأمازيغية ستفشل وتتجمد كلغة وظيفية وعملية وستتحول إلى فولكلور وديكور كما هي فاشلة ومتجمدة حاليا في المغرب لا يقرأها أحد ولا يكتبها أحد.

وأي تدخل سلطوي للدولة الجزائرية في مسألة حرف كتابة الأمازيغية سيؤدي إلى احتقانات وتمردات شعبية وتصادم بين التيار التعريبي الإسلامي المؤيد لفرض الحرف العربي والتيار الأمازيغي الرافض للحرف العربي والمساند للحرف اللاتيني وحرف ثيفيناغ.

لهذا فالدولة الجزائرية تتجنب إثارة موضوع حرف كتابة الأمازيغية (للأسباب السياسية المعروفة) وتترك الموضوع كله للأكاديميين والمتخصصين الذين يختارون دائما الحرف اللاتيني كحرف رئيسي لكتابة الأمازيغية بجانب استخدام ثيفيناغ في العناوين والرمزيات.

3) التعريبيون والإسلاميون ظاهرة صوتية خاوية الوفاض في مسألة الأمازيغية:

التعريبيون والإسلاميون الجزائريون والمغاربة الذين يحاولون (كلما سنحت لهم الفرصة) أن يفرضوا كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف العربي (بعد أن تخلوا مكرهين عن استراتيجية إنكار وجود الأمازيغية كلغة) هم في الحقيقة يقتصرون على الكلام والضجيج الفارغ. ولا يملكون إلا الكلام والضجيج الفارغ. ولا يستطيعون كتابة جملتين بالأمازيغية بالحرف العربي فما بالك بنشر الكتب والترجمات والمواقع الإلكترونية. فهم لا يستطيعون أن يقرنوا قولهم بفعلهم لأن من يكره الأمازيغية ويحاربها لا يستطيع أن يكتب بها ولا أن يتعلمها ولا أن ينشرها ولا أن يبدع بها ولا أن ينجح بها.

وإذا افترضنا جدلا أن التعريبيين والإسلاميين قد نجحوا يوما في فرض الحرف العربي على الأمازيغية فإنهم لن يجدوا من يكتبها لهم بذلك الحرف العربي. لن يجدوا متعاونا يتعاون معهم. لن يجدوا أكاديميا واحدا في صفهم. فالمشروع التعريبي الإسلامي لفرض الحرف العربي على الأمازيغية هو مجرد صفر كبير أو ظاهرة صوتية فارغة لا تستطيع إنجاز شيء على أرض الواقع إلا الضجيج والتشويش.

إذن فالجزائر سائرة بثبات في طريق مأسسة ترسيم وتدريس اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني بجانب استعمال حرف Neo-Tifinagh بجانب الحرف اللاتيني في العناوين الأمازيغية والرمزيات.

ويبدو أنه من المستحيل أن تنجح الدولة الجزائرية والتعريبيون والإسلاميون في منع كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني لأن كل القبايليين وجزءا كبيرا من الشاويين (الأوراسيين) مستمرون في كتابة وتدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني. والآن أصبح القبايلون والشاويون المشتغلون في مؤسسات دولتهم يصدرون الوثائق الرسمية والترجمات الرسمية بالأمازيغية مكتوبة بالحرف اللاتيني مع عناوين باللاتيني وثيفيناغ.

4) الحروف الجديدة لا تنتشر في 10 دقائق بين الشعب:

يربط كثير من المغاربة والجزائريين الحرف اللاتيني باللغة الفرنسية، بل إنهم يسمونه أحيانا “الحرف الفرنسي” وهذا غلط. فالحرف اللاتيني أقدم تاريخيا من اللغة الفرنسية. عندما كان الرومان يكتبون اللاتينية بالحرف اللاتيني لم يكن هناك وجود لشيء اسمه “اللغة الفرنسية” على وجه الأرض. وكان سكان ما يسمى الآن بـ”فرنسا” ناطقين باللغة الكلتية Celtic واللغة الجرمانية Germanic.

الحرف اللاتيني شيء منفصل عن الفرنسية والإنجليزية والتركية والكردية والماليزية والإندونيسية. فهو مجرد حرف عملي شائع حاليا في العالم ويستعمله من يشاء لكتابة لغته. ويقوم أهل كل لغة باستعماله بالشكل الذي يناسبهم وغالبا ما تتم إضافة حروف جديدة (ḍṛṣčṭřɣǧẓéäåßüö) حسب حاجة كل لغة.

إذن هذا ليس “حرفا فرنسيا”:

ABCČDḌEƐFGǦƔHḤIJKLMNOQRŘṚSṢTṬUWXYZẒ

وإنما هو “حرف لاتيني” موسع يحتوي على حروف إضافية على مقاس الأمازيغية.

كما أنه يخيل لكثير من محبي الأمازيغية ومحبي حرف ثيفيناغ الرافضين للحرف اللاتيني أن إتقان حرف ثيفيناغ يتلخص في حفظ بضعة وثلاثين حرفا ثيفيناغيا في 10 دقائق. وقد قرأت آلاف التعليقات على الإنترنيت من محبي الأمازيغية وثيفيناغ يكررون هذه الفكرة ويكررون مقولات أخرى من قبيل: “لكل لغة حرفها وحرف الأمازيغية هو ثيفيناغ”. وتلك الأفكار والمقولات خاطئة لأن معظم لغات العالم المكتوبة تشارك بعضها البعض في حرف واحد (كاشتراك التركية والإندونيسية والبولونية في استخدام الحرف اللاتيني) ولأن حجم المؤلفات الأمازيغية بالحرف اللاتيني أضخم من مؤلفاتها بالحروف الأخرى. وهذا التفكير العامّي المغلوط ينم عن انعدام تجربتهم في كتابة الأمازيغية بأي حرف كان. هذا يعني أن كلامهم عاطفي صرف وأن أغلبهم لم يجرب في حياته أن يكتب فقرة أو صفحة واحدة بالأمازيغية بحرف ثيفيناغ ولا بالحرف اللاتيني ولا بأي حرف آخر.

وزيادة على ذلك كله فإن كثيرا من محبي الأمازيغية ومحبي ثيفيناغ لا يعرفون أن هناك حرفا أمازيغيا قديما أقدم من ثيفيناغ Tifinaɣ نفسه ألا وهو “الحرف الليبي الأمازيغي” Libyco-Berber. فهذا الحرف الليبي الأمازيغي (الذي كان مستعملا في عصر الملك النوميدي Masensen ماسنسن مثلا) مختلف عن ثيفيناغ الطوارق. فلو الأمر متعلقا بضرورة كتابة الأمازيغية بالحرف الأصيل فإن الأولى والأجدر هو استعمال الحرف الأمازيغي الليبي Libyco-Berber لأنه الأقدم والأسبق بشكل لا جدال فيه ومؤكد علميا وتاريخيا بالنقوش الموجودة في الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وجزر الكناري.

يمكن لأي شخص أن يحفظ 40 رمزا جامدا في عشر دقائق (كرموز جامدة فقط)، ولكن تعلم استعمال الحرف الجديد مع لغة معينة يعني تعلم الكتابة والقراءة والإنتاج بذلك الحرف بشكل يومي ومنهجي وإتقان قراءة وكتابة النصوص الطويلة به بغزارة بخط اليد وبالكومبيوتر والتيلفون وغيره.

لو كانت المسألة مجرد حفظ بضعة وثلاثين رمزا أو حرفا في 10 دقائق فإن كل المغاربة والجزائريين والأمازيغ سيستطيعون إتقان الحرف الروسي أو الحرف العبري أو الحرف الإغريقي في 10 دقائق وكتابة أسمائهم العائلية والشخصية بذلك الحرف الجديد وسيصبح كل واحد منهم خبيرا ضليعا ومستعملا رشيقا للحرف الروسي أو العبري أو الإغريقي الجديد في القراءة والكتابة! ولكن هذا لا يحدث أبدا ولن يحدث أبدا. لأن الحقيقة هي أن تعلم استخدام حرف جديد وتعلم لغة به يحتاج إلى مدة طويلة من التطبيق والتمرن والممارسة مدفوعة بالإرادة وبالحوافز وتحمل التكاليف. والأمازيغية تحتاج إلى البدء بما هو متوفر الآن وليس انتظار سنوات وعقود من الزمن لكي ينتشر حرف ثيفيناغ أولا في المجتمع.

(لاحظ جيدا أن الحرفين اللاتيني والعربي ما زالا لحد الآن لا يغطيان كل المغرب والجزائر حيث توجد ملايين الأميين وملايين أشباه الأميين رغم التعليم المجاني الحكومي المعمم والميزانيات الحكومية الضخمة التي تم تخصيصها لهذين الحرفين في المغرب والجزائر طيلة 100 عام أو أكثر. فما بالك بحرف ثيفيناغ الذي ما زال لم يغادر بعد نقطة الصفر! تصور المدة التي سيتطلبها نشر ثيفيناغ في المغرب والجزائر! وتصور حجم الوقت الذي ستضيعه اللغة الأمازيغية في سبيل انتظار انتشار ثيفيناغ أولا في المجتمع!)

إذن الأمور ليست بهذه السهولة والبساطة. فإتقان القراءة والكتابة الحقيقية الكاملة (قراءة وكتابة النصوص الطويلة) بحرف جديد عليك هو شيء سيتطلب منك سنوات من الدراسة والتمرن والتطبيق (هذا إذا توفرت الإرادة والحوافز والإمكانيات والوقت!). لذلك السبب يقضي الأطفال والطلبة سنوات وسنوات في تعلم الحروف الجديدة واللغات الجديدة في المدارس والثانويات والجامعات. ولهذا السبب بالضبط ما زال الأمازيغ في عام 2018 (أو 2968) لا يملكون موقعا إخباريا مستقلا واحدا بثيفيناغ ولا جريدة إخبارية أو رياضية واحدة بحرف ثيفيناغ ولا مجلة بثيفيناغ ولا يكتبون أي شيء بحرف ثيفيناغ على مواقع الإنترنيت (إلا بعض الأسماء والرمزيات). وأنا لو كتبت هذا المقال بحرف ثيفيناغ فلن يقرأه أحد ولن يفهمه أحد في المغرب ولا في الجزائر. ولكن إذا كتبته بالأمازيغية بالحرف اللاتيني فسيقرأه على الأقل جزء من المغاربة وجزء من الجزائريين فورا، ومن بينهم حتى من لا يتكلمون الأمازيغية أصلا.

عندما يكون التلميذ أو الطالب عارفا ومتعودا على حرف ما (كتعود المغربي أو الجزائري على الحرف اللاتيني في حياته المدرسية واليومية) فإنه يستطيع استعماله بسرعة وسهولة لتعلم لغة أخرى جديدة عليه كالأمازيغية أو الألمانية أو الإنجليزية.

ولذلك السبب يسهل على التلميذ المغربي والجزائري في التعليم الثانوي أو في الجامعة أن يتعلم لغة أوروبية جديدة كالألمانية أو الإيطالية أو الإسبانية أو الإنجليزية (أو حتى التركية أو البولونية) بالحرف اللاتيني. فالحرف اللاتيني معروف لدى التلميذ أو الطالب ومترسخ لديه سلفا. وما على التلميذ أو الطالب إلا أن يكيفه قليلا ويعدّله قليلا ليتناسب مع تلك اللغة الجديدة الألمانية أو الإنجليزية أو الإيطالية أو الأمازيغية. وفي ظرف ثلاث سنوات يصبح هذا التلميذ المغربي أو الجزائري قادرا على اجتياز امتحان الباكالوريا في هذه اللغة الجديدة (الألمانية أو الإيطالية أو الأمازيغية أو غيرها).

5) الحل الصالح للجزائر صالح للمغرب أيضا: اللاتيني للنصوص، وثيفيناغ للعناوين

من المعلوم أن عادة كتابة نصوص الكتب الأمازيغية بالحرف اللاتيني مع كتابة العناوين بثيفيناغ واللاتيني معا ليست اختراعا جزائريا ولا مغربيا. فهذا الحل التلقائي العملي كان وما زال معمولا به في كلا هذين البلدين الأمازيغيين الشقيقين من طرف المؤلفين بالأمازيغية منذ عقود من الزمن.

ويبدو أن هذا الحل الممتاز قد وجد له موطئ قدم راسخ في الإدارات والمؤسسات الجزائرية لأنه حل منطقي وعملي وبراغماتي معقول يتوافق مع الواقع ويستجيب لحالة واحتياجات اللغة الأمازيغية. فالحرف اللاتيني هو الأفضل لكتابة “المتن”، أي: النصوص والمحتوى. وحرف ثيفيناغ مع الحرف اللاتيني يصلحان لوظيفة العنوان البصرية والتعريفية.

وبالنظر إلى تجمد الأمازيغية بالمغرب تجمدا شبه تام (بعكس بعض التقدمات الصغيرة التي تقع في الجزائر كالترسيم والاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية وتوسيع تدريس الأمازيغية إلى ولايات جديدة وازدياد عدد المشاركين في امتحان باكالوريا الأمازيغية الجزائري) فإن هذا يحتم على المغرب وعلى الجمعيات الأمازيغية المغربية الصامتة أن يصححوا المسار الحالي بسرعة. يجب على المغرب أن يسرع إلى تبني الحرف اللاتيني في ترسيم وتدريس الأمازيغية (لتسريع إدخالها إلى التعليم الثانوي والإدارات)، مع استخدام حرف ثيفيناغ بجانب اللاتيني في العناوين والرمزيات. فهذه هي الطريقة الوحيدة الناجحة التي يمكن للغة الأمازيغية أن تستفيق بها من جمودها وشللها وتندفع بها إلى الأمام وتصبح لغة وظيفية لها وظيفة نافعة بدل أن تكون مجرد زركشة فولكلورية على الحيطان بحرف ثيفيناغ لا يقرأها أحد.

الخيار الواقعي العملي أمام المغرب هو إدخال الحرف اللاتيني كحرف عملي لتدريس وترسيم اللغة الأمازيغية وتسريع نشرها في التعليم الثانوي بالذات قبل غيره لأنه بوابة الجامعة وسوق العمل، مع الاحتفاظ بحرف ثيفيناغ في كتابة العناوين الأمازيغية بجانب اللاتيني لتكون الأمازيغية فعلا لغة عملية ونافعة للمواطن في الشارع والإدارة والمدرسة والاقتصاد.

انظر مقالي السابق: “مقترح إلى د. العثماني رئيس الحكومة لترسيم الأمازيغية بتيفيناغ واللاتيني” على هذا الرابط

 

مبارك بلقاسم – المغرب 
tussna@gmail.com

*المقالات التي  تنشر في فقرة “أقلام حرة” تعبّر عن رأي الكاتب ولا تعكس رأي البوّابة أو خطها الإفتتاحي