السينما والمسرح

أحيطوس , تراجيديا أمازيغية من عمق التراث المحلي

تواصلت العروض المسرحية يوم أمس بمهرجان المسرح الامازيغي الوطني  وفي إطار المنافسة في يومها الاخير سهرة يوم أمس قدم المسرح الجهوي تيزي وزو مسرحية بعنوان احيطوس للمخرجة نبيلة براهيم ومساعدة إخراج نور الدين آيت سليمان الذي كتب  النص.
أحداث المسرحية مقتبسة من قصة من التراث  الشعبي المحلي بمنطقة القبائل و التي لا تزال حية في الذاكرة الشعبية للمجتمع الى يومنا هذا.
أحيطوس هي أسطورة تدور فصولها في قرية ” أقالوس” واسم احيطوس هو الحداد او كما هو معروف في التراث ” أحداد ن قالوس” و آحيطوس عند الإغريق آلهة النار والبراكين. وتروي  المسرحية “أحيطوس” قصة الحداد وزوجته الفائقة الجمال “هولا” اللذين قدما الى هذه القرية واستقرا فيها. لكن وضعه الاجتماعي كصاحب مهنة مهمة  -حداد – وجمال زوجته” هولا” أثار غيرة القرويين وبشكل خاص “أحموش” الرجل الثري لكن عديم الضمير الذي ظل يتمنى “هولا” لنفسه الى ان حصل عليها بعد تدبيره لمكيدة ليفرق بينها وبين زوجها أحيطوس الحداد، فعمل بالتواطؤ مع شخصين من القرية، على أن يشهدا ويدعيا لدى مجلس القرية أن أحيطوس قد طلق زوجته ” هولا” بالثلاث ، مما دفع بكبار مجلس القرية رغم نفي أحيطوس الحداد للإدعاء إلى تطليقها منه، مما فسح   الطريق امام المتغطرس”أحموش” للزواج منها ، لكن “هولا” ظلت ترفضه حتى انها شوهت جمال وجهها…. وتتواصل الأحداث الى أن تقتل “هولا” في نهاية المسرحية خلال صراع بين “أحيطوس” و”أحموش”، مما دفع بقوة الحداد أحيطوس إلى الانتقام من أحموش على فعلته الشنيعة هذه شر انتقام وأي انتقام؟ ، انتقام أحرق فيه القرية كلها انتقاما من الجميع. العمل المسرحي كان مليئا بالصراع والرقابة الاجتماعية من خلال الحصار والغيرة والحقد والثأر الذي دمر القرية بأكملها.
مسرحية “أحيطوس” عبارة عن عمل تراجيدي يذكرنا بأعمال شكسبير التي تأخذ عناوينها من أسماء شخصيات العمل . ولقد بدأ باستعراض معبر عن قصة العمل التراجيدي مرفق بموسيقى قوية ، وهي القوة التي شاهدها الجمهور في اخر العمل لكن مغايرة لها تماما فقد تم الاستعراض بتوزيع الشخصيات على الخشبة وهم مركزين نظرهم على الجمهور وفي هدوء تام عكس البداية.
العمل المسرحي احيطوس جاء متكاملا في إخراجه النهائي بداية بالنص الذي كان له دور كبير في  تشكيل العمل كما جاء،  وكان الحوار بين الشخصيات قويا ومليئ بالشعر. أما الموسيقى الخاصة بالعمل فقد كانت في حد ذاتها راوي آخر للأحداث التي كان يتابعها الجمهور على الركح من خلال نقل مايجري من أحداث في مجموعة أغاني جميلة ومؤثرة. أما ملابس الممثلين فلقد كانت مصممة بتناسق جميل مع ديكور العمل حسب ماتتطلبه الرواية في المسرحية.
عرض أحيطوس يعتبر تراجيديا امازيغية تعكس التراجيديا الكلاسيكية في المسرح التي بينت أيضا الغيرة والرفض للأجنبي – الحداد أو أحيطوس، كان فيه أداء الممثلين رائعا خاصة الممثلة الرئيسية في دور “هولا” زوجة الحداد.
مسرحية أحيطوس يمكن إعتبارها من الأعمال المسرحية القوية التي مرت في طبعة هذا المهرجان للمسرح الأمازيغي في طبعته الثامنة ، والتي تفوقت فيه على  الاعمال الاخرى  ببناءها لنصها الجزائري مئة بالمئة من خلال الاعتماد على مايختزنه الموروث الشعبي المعروف في مجتمعنا على عكس الاعمال الاخرى التي لا تقل قوة عنه أيضا لكنها اقتبست من نصوص لكبار الكتاب المناضلين من مصر والعراق.
فريق العمل ايضا أبى إلا أن يوثق للمسرحية من خلال إعداده  لملصق إعلاني و مطوية. تم توزيعه على الجمهور ، وهي مهمة للباحثين والدارسين للمسرح .

خديجة أولم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى