فن و ثقافة

إيليزي: مساع محلية للمحافظة على “تماهاق” كتراث وثقافة أمازيغية

يحرص المجتمع التارقي بمنطقة الطاسيلي ناجر الشاسعة والممتدة عبر أقاليم ولايتي إيليزي وجانت على المحافظة على اللهجة المحلية “تماهاق” باعتبارها تراثا ورافدا ثقافيا وموروثا يرتبط ارتباطا وثيقا بمقومات الهوية الأمازيغية لمجتمع إيموهاغ (التوارق).
وفي ظل المتغيرات العصرية وتعدد اللهجات واللغات وانفتاحها على بعضها البعض والتي قد يكون لها بعدا سلبيا على اللسان التارقي الأصيل، تبذل جهود محلية للمحافظة على “تماهاق” باعتبارها مقوم هوياتي ضارب في عمق التاريخ لا تزال آثاره وحروفه “تيفياغ” منقوشة على صخور و جداريات “تجلاهين” بمناطق “إهرير” و”تادرارت” في أعماق الطاسيلي ناجر.

ومن بين الجهود لتحقيق هذا المسعى، يعكف الباحث في التراث الأمازيغي بمنطقة الطاسيلي ناجر، أمود سليماني، على تلقين وتعليم اللهجة التارقية على أصولها لدى مختلف الفئات سيما عند النشئ الصاعد، من خلال جمعيته “الأنوار الساطعة” التي أسسها لهذا الغرض، إلى جانب إصداره لعدة مؤلفات وكتب تتحدث عن تطور اللهجة المحلية وما صاحبها من تغيرات ثقافية واجتماعية.

وأبرز السيد سليماني في تصريح لـ”وأج” مدى مساهمة اللهجة التارقية في تقوية الإنتماء والترابط بين أفراد مجتمع التوارق باعتبارها الوعاء الحاوي لثقافة وهوية مجتمع “إيموهاغ”.

إلا أن المتحدث لم يتمكن من إخفاء ملامح الحسرة التي بدت على وجهه، وهو يستعرض ما تعرضت له اللهجة المحلية من “تعد” و”تهجين” لغوي، حسبه، والتي أفرزت مفردات وكلمات دخيلة ، بفعل تأثير التطورات الحديثة على النسيج الإجتماعي واختلاط اللسان التارقي مع غيره.
ويمثل ذلك الدافع الأبرز الذي جعل السيد سليماني يقوم بتأليف قاموس جامع لمختلف المفردات والكلمات باللهجة التارقية وشرحها باللغتين العربية والفرنسية وكيفية نطقها وكتابتها بالشكل السليم، مع الحرص على تصويب الأخطاء الشائعة والمتداولة سيما تلك التي استهدفت “التيفيناغ”.

وأشار في هذا الخصوص أن عدد حروف تيفيناغ 26 حرفا وتكتب من اليمين إلى اليسار “عكس ما تروج له بعض المخطوطات والروايات القديمة”، على حد قوله.

ومن جهته، دعا مدير إذاعة إيليزي المحلية، أمود تافكيك، وهو باحث في التراث المحلي، إلى ضرورة تظافر كافة الجهود من مهتمين بالتراث وكذا باحثين و أكاديميين، من أجل إعادة الإعتبار للسان التارقي الأصيل وترقية اللهجة المحلية من خلال تعزيز استعمالاتها في شتى المجالات لتتوارثها الأجيال الصاعدة بشكلها النقي.
وأبرز بالمناسبة “المسؤولية الكبيرة” التي تقع على عاتق الإعلام الجواري في ترسيخ هذه اللهجة والترويج لها كموروث حضاري وثقافي.

وأشار السيد تافكيك إلى أن الإذاعة المحلية تحرص على بث أكثر من 54 بالمائة من محتوى برامجها باللهجة التارقية، إلى جانب برامج ثقافية تعليمية حول مختلف المفردات والتعابير العميقة التي ضعف استعمالها في اللهجة المحلية بهدف إعادة إحيائها.

وفي سياق المساعي التي تبذل من أجل تحصين “تماهاق” من كافة التغييرات السلبية والمحافظة على محتواها اللغوي عند مجتمع “إيموهاغ”، تعكف الفعاليات الثقافية المحلية على تحقيق هذا التوجه من خلال تنظيم مبادرات وأنشطة تعليمية على غرار تلك التي أطلقتها جمعية “قصر تغورفيت” الثقافية وتتضمن بث عروض سمعية بصرية عبر الفضاء الأزرق تهتم بتعليم مسميات الأشياء باللهجة التارقية بالصوت والصورة.
كما يتعلق الأمر كذلك بعدة إصدارات أدبية وتعليمية تعنى بهذا الشأن على غرار نشر كتاب إيمراون (الوالدين) للباحث يوسف أوقاسم الذي يتضمن 500 كلمة شرحت من التارقية إلى العربية.
وكالة الأنباء الجزائرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى