رد على هشام أعراب حول حرف الأمازيغية و الإيركام و النعت

نشر الأستاذ هشام أعراب مقالا عنوانه “استعمال النَّعت الأمازيغي المُشبَّه باسم الفاعل الأمازيغي” يستهجن فيه مساندتي لاستعمال الحرف اللاتيني لتدريس وترسيم الأمازيغية بدل حرف ثيفيناغ، ويستنكر فيه انتقادي للإيركام، ويقدم فيه ما يزعم أنه تصحيحه لأخطائي وتناقضاتي وضعف فهمي للنعت واسم الفاعل في مقالي السابق: “كيف نتقن كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني؟ (المقاطع والنعت)”.

كما أن مقال الأستاذ هشام أعراب اشتمل على بضعة افتراءات ضدي وعلى عدد من الأغلاط المعرفية حول الأمازيغية سأصححها له. إلا أن في مقال الأستاذ هشام أعراب أشياء كثيرة أتفق فيها معه تماما. وأنا مسرور جدا أن الأستاذ هشام أعراب أخذ من وقته لمناقشة هذه المواضيع المهمة ليستفيد منها القراء في المغرب وبقية العالم الأمازيغي.

1) حول الحرف اللاتيني والإيركام:

قال الأستاذ هشام أعراب وهو ينتقدني في مقاله: “… فإن ما يؤاخِذُه عليه القارئ المتتبع لمنشوراته ومحبوراته انتقاده الشديد للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الإيركام)، ولكل من تبنَّى خطَّ ثيفيناغ حرفا رسميّا للغة الأمازيغية”. وقال الأستاذ هشام أعراب أيضا: “… وينتقد كل من لا يكتب الحرف الأمازيغي بالخط اللاتيني”.

– ردي عليه هو: أنا أنتقد الإيركام بسبب ما فعله في يناير 2003 في التصويت المسيَّس حول حرف تدريس الأمازيغية وخضوعه لابتزاز التعريبيين والإسلاميين حول مسألة الحرف، وأنا أنتقد الإيركام بسبب ترجمته الكارثية للدستور المغربي إلى الأمازيغية بحرف ثيفيناغ المليئة بالأغلاط الفادحة التي قدمها للمغاربة على أنها تحفة ترجمية (وقد اختفت هذه الترجمة الإيركامية من موقعه الإلكتروني الآن!)، وأنتقد الإيركام بسبب أخطاء أخرى كثيرة يرتكبها في منشوراته من بينها أخطاء صياغة النعت الأمازيغي.

أما زعمك يا أستاذ هشام أعراب بأنني أنتقد كل من لا يكتب الأمازيغية بالحرف اللاتيني فهو محض افتراء واختلاق منك. فأنا شجعت المغاربة دائما على التدوين بالأمازيغية بأي حرف يعجبهم ولكنني أبين دائما أن الحرف اللاتيني أكثر نفعا للأمازيغية من كل الحروف الأخرى في الظروف الحالية بالمغرب وأنه يجب نقل الأمازيغية إلى الحرف اللاتيني لتسريع وإنجاح تدريسها وترسيمها. اِرجع مثلا إلى مقالي المعنون: “من لا يكتب الأمازيغية لا يدافع عن الأمازيغية” المنشور في 2015، وارجع أيضا إلى مقالي “العقلية الانتظارية الكسولة العقيمة لدى أنصار ونشطاء الأمازيغية” المنشور في 2018، وفي هذين المقالين وغيرهما شجعت المغاربة على التأليف والتدوين باللغة الأمازيغية بأي حرف يعجبهم، اللاتيني وثيفيناغ والعربي.

وقال ذ. هشام أعراب: “… يندفع اندفاع المتحمس لينتصر للحرف اللاتيني الذي استهواه وانبهر به”.

– ردي عليه: تستخدم يا أستاذ هشام أعراب عبارات مسرحية ضدي (مثل: “… استهواه وانبهر به”) تحاول بها تسفيه رأيي في الحرف اللاتيني وتحويله إلى مجرد انبهار صبياني بدوي ساذج بالحرف الأوروبي الرومي الأشقر. والأرجح أنك يا أستاذ هشام أعراب عاجز عن الرد الموضوعي على حججي المتعلقة بهذا الحرف نفسه وبظروف التصويت الإيركامي السياسي والمسيَّس حول مسألة الحرف في يناير 2003 الذي شهد تغيير 10 أعضاء من الإيركام تصويتاتهم من حرف إلى آخر في ظرف بضع دقائق بين الشوطين التصويتيين لأسباب سياسية صرفة لا علاقة لها بقناعاتهم العلمية والأكاديمية. وهذه الفضيحة الإيركامية السياسية حرمت الأمازيغية منذ 2003 من منافع الحرف اللاتيني وضيعت عليها وقتا هائلا (15 عاما)، وما زالت الأمازيغية تدفع الثمن إلى الآن وسط سكوت المغاربة على هذه الفضيحة.

ثم قال ذ. هشام أعراب: “… ويرى في الخط اللاتيني الترياق النافع والحلّ السحري للغة الأمازيغية، فهذه قناعته فأَكْرِم بها وأَنْعِم، ولن نُجَادِلَه فيما اقتنع به.”

– ردي عليه هو: مرة أخرى يا أستاذ هشام أعراب تضع على لساني ما لم أقله. أنا بينت مرارا في مقالاتي أن الحرف اللاتيني ليسا حلا سحريا للأمازيغية وإنما هو جزء من الحل بجانب خطوات وإجراءات أخرى ضرورية. اِرجع إلى مقالي “ما علاقة تيفيناغ بالأغلاط الفادحة في الترجمة الإركامية للدستور؟”.

أما حول إحجامك عن مجادلتي حول مسألة الحرف اللاتيني فأنا أقول لك: بل جادلني يا أستاذ هشام أعراب. ودعني وبقية القراء نتعرف على رأيك في الحرف. واهدم حججي بحججك إن استطعت. فهل تجرؤ؟

2) حول النعت واسم الفاعل في اللغة الأمازيغية:

اسم الفاعل anamur (المُواطِن) اشتق من الاسم amur أو tamurt (الأرض، الوطن، الحِمى). والمعنى الأصلي الأساسي لـ amur هو “الرمح”. إذن tamurt أو amur هو ما يحميه رمح الأمازيغي: الوطن.

ولكن الخطأ الأول الذي سقطت فيه يا أستاذ هشام أعراب هو زعمك أن anmuri اسم فاعل مشتق من amur. هذا غلط. وإنما كلمة anmuri صاغها الإيركام باشتقاقها من tamuri التي تعني “المواطَنة، الوطنية”. وقد صاغ الإيركام كلمة anmuri الجديدة خصيصا لتعني “المُواطِن” وهدفه من ذلك هو إفساح المجال لكلمة anamur لتتخصص في معنى “وطنيّ”. وخطأك الثاني يا أستاذ هشام أعراب هو تأنيثك المقترح لكلمة anmuri التي ابتدعها الإيركام، فأنت قد زعمتَ أن تأنيثها هو tanmuri بينما تأنيثها الصحيح هو tanmurit.

أما اقتراحك بأن tinnumra هي التي يجدر نظريا أن تعني “المواطَنة” باشتقاقها من anamur فهذا نضعه في خانة اقتراحاتك لإنشاء كلمات جديدة. أما الكلمة tamuri التي نشرها الإيركام للتعبير عن معنى “المواطَنة/الوطنية” فأنا أعتبرها كلمة جيدة وواضحة وبسيطة وتؤدي المعنى. لا داعي للتعقيد إلا إذا اقتضت الحاجة كلمة جديدة. فكلمة tamuri مشتقة مباشرة من الاسم/القاعدة amur أو tamurt.

المبدأ العام الذي أتبناه هو جعل الكلمات الأمازيغية الأصيلة الشعبية المعروفة لدى الناس مركزا ومحركا (engine) تعمل به اللغة ونبعا تشتق منه كل الكلمات الأخرى. إذن فكلمة amur أو tamurt القديمة الأصيلة الشعبية هي الأساس الاشتقاقي الذي من الأجدر أن نشتق منه كل شيء بشكل مباشر. إذن نكتب:

amuran = وطنيّ.

anamur = المُواطِن.

tamuri = المواطَنة / الوطنية / الجنسية.

الشيء الذي قد يفاجئك يا أستاذ هشام أعراب هو أن الإيركام الذي تدافع عنه يناقضك في هذه الحالة (حالة anamur وَ anmuri)، لأن الإيركام حاول الفصل معجميا بين اسم الفاعل والنعت فخصص الإيركام بشكل متعمد كلمة anamur لمعنى “وطنيّ” وخصص كلمة anmuri لمعنى “المُواطن”. إذن فالإيركام راغب حقا في الفصل بين النعت واسم الفاعل (في هذه الحالة) ولكنه فشل في ذلك من الناحية التقنية العملية.

ففي “المعجم المدرسي” الإيركامي الأمازيغي الفرنسي العربي الصادر عام 2011 (في الصفحة 63) تم إيراد كلمة ⴰⵏⴰⵎⵓⵔ أي anamur بمعنى “وطنيّ”. وتجنب واضعو القاموس الإيركامي أن يزعموا بأنها تعني أيضا “المُواطن”. (الأصح هو أن anamur تعني “المُواطِن”).

وفي “معجم اللغة الأمازيغية” الإيركامي الصادر في 2009 تم إيراد كلمة ⴰⵏⴰⵎⵓⵔ أي anamur بمعنى “وطنيّ” (الصفحة 109). وتم إيراد كلمة ⴰⵏⵎⵓⵔⵉ أي anmuri بمعنى “مُواطِن” (الصفحة 101). هنا حرص الإيركام على الفصل بين النعت واسم الفاعل ولكن مشكلته هي أنه فعل ذلك بالطريقة الخاطئة.

الخطأ الذي وقع فيه الإيركام هو غفلته عن قواعد الاشتقاق والتمييز في الأمازيغية بين النعت واسم الفاعل والتي تملي استعمال amuran بمعنى “وطنيّ” واستعمال anamur بمعنى “المُواطِن”. أما كلمة anmuri التي ابتدعها الإيركام فهي غريبة النطق والوزن ولا نفع فيها.

– ملاحظة: كلمة amuran (وطنيّ) ليست اشتقاقا من عندي بل هي موجودة في كتب ومنشورات في ليبيا.

إذن فالنعت الصحيح هو:

amuran = وطنيّ.

imuranen = وطنيّون.

tamurant = وطنيّة.

timuranin = وطنيّات.

واسم الفاعل الصحيح هو:

anamur = المُواطِن.

inamuren = المُواطِنون.

tanamurt = المُواطِنة.

tinamurin = المُواطِنات.

وواحد من الأخطاء الأخرى الفادحة التي سقط فيها الإيركام في قاموسه المذكور هو زعمه بأن tamaddast تعني “المنظَّمة / التنظيم”. أما الحقيقة فهي: tamaddast تعني “المنظِّمة (المرأة المنظِّمة)”، amaddas يعني “المنظِّم (الرجل المنظِّم)”. وكلمة tuddsa أو tududdust هي التي تعني “المنظَّمة / التنظيم”.

وفي نفس ذلك القاموس المذكور سقط الإيركام في خطإ فادح آخر وهو زعمه بأن amassan يعني “عالِم” و”عِلميّ” في نفس الوقت. الحقيقة هي: amassan يعني “عالِم”، ussnan يعني “عِلميّ”.

نستطيع أن نتفهم سقوط مؤلف فرد أو كاتب فرد في هذا الخلط أو هذه الأخطاء، أما أن يسقط الإيركام في أخطاء المبتدئين هذه (وأن يطبعها في قواميس ورقية وإلكترونية) وهو الذي يملك الموارد البشرية ويتصرف في ميزانية ضخمة وقد وُضِعَتْ في يده رقبة الأمازيغية فنحن لن نسكت عن أخطائه ومن بينها ترجمته الكارثية للدستور المغربي إلى الأمازيغية بحرف ثيفيناغ وبقية الكوارث والأغلاط.

الحكمة التي نستخلصها من كل هذا يا أستاذ هشام أعراب هو أنه حين تمنحك الأمازيغية رحابة وإمكانية التمييز بين النعت (مثل: amuran) واسم الفاعل (مثل: anamur) فاغتنم تلك الرحابة والإمكانية ولا تضيّق على نفسك، ولا تخلط بينهما. أما أن تدرّس للتلاميذ والشباب بأن كل ذلك شيء واحد وأن الخلط بين النعت واسم الفاعل جائز ومباح دائما فأنت بذلك تنشر الفوضى في اللغة الأمازيغية وتجعلها ضعيفة الدقة وصعبة التعلم وصعبة الاستعمال ومرهونة بالسياق ومعتمدة على مزاج الكاتب من جهة ومزاج القارئ من جهة أخرى، وهكذا تَضْعُف دقةُ اللغة وفعاليتها في وصف العلوم الدقيقة والمفاهيم القانونية الخطيرة.

إن وجود بعض الاستثناءات في الأمازيغية مثل أسماء الفاعل التي تستخدم في وظيفة نعت، هو شيء لا يبيح لك أن تصوغ كل نعوت الأمازيغية في شكل أسماء الفاعل وتخلط بذلك بينهما بشكل متعمد وكامل وتحول الأمازيغية إلى فوضى عارمة و”حريرا” أو “بيصارا” لا يعرف المرء فيها اسم الفاعل من النعت إلا متوسلا بالسياق. لا يحق لك يا أستاذ هشام أعراب أن تتخذ من استثناءات وحالات شاذة أو مَجَازية في الأمازيغية حالة قاعدية طبيعية تلوي بها عنق لغة بأكملها وفق أهوائك التخليطية.

والخطأ الثالث الذي وقعت فيه يا أستاذ هشام أعراب هو صياغة anamun من كلمة amun (المجتمَع) أو من كلمة tamunt (الجماعة، العصبة) (أو من الفعل imun) وتقديمك anamun على أنه نعت واسم فاعل في نفس الوقت. بينما تتيح لك الأمازيغية خيارا سهلا للتمييز بين النعت واسم الفاعل لتمييز المعنى.

التصحيح هو: amunan نعت. anamun اسم فاعل.

amunan = مجتمَعيّ / اجتماعيّ.

anamun = المجتمِع / الرجل الذي اجتمع وشارك في اجتماع.

وهكذا نكتب بالطريقة الصحيحة:

afgan amunan = الإنسان الاجتماعي.

tameṭṭoṭ tamunant = المرأة الاجتماعية.

irgazen imunanen = الرجال الاجتماعيون.

timeṭṭoḍin timunanin = النساء الاجتماعيات.

أما كلمة anamun (وجمعها inamunen) فهي اسم فاعل نطبقه في معان متميزة مثل:

igmamen inamunen = الأعضاء المجتمِعون (المشاركون في اجتماع).

tineɣlafin tinamunin = الوزيرات المجتمِعات (المشاركات في اجتماع).

والآن لاحظ جيدا الفرق بين هاتين العبارتين:

nnan yinamunen = قال المجتمِعون (قال المشاركون في الاجتماع).

nnan yimunanen = قال الاجتماعيون (قال علماء الاجتماع).

هل رأيت الآن يا أستاذ هشام أعراب منافع التمييز بين النعت واسم الفاعل في الأمازيغية في توضيح المعنى فوريا وتسهيل التعلم والفهم على التلاميذ والشباب وتسهيل تطبيق الأمازيغية على أرض الواقع؟

إذن فهذا التمييز المريح المبني على قواعد أمازيغية طبيعية صلبة أفضل وأرحم من متاهات وغياهب التخليط والتجليط وظلمات التعسير والتصعيب والتضبيب التي تجعل الأمازيغية هلاما وسرابا لا يمسك به التلميذ والدارس والقارئ.

– ملاحظة: توجد في الأمازيغية الطوارقية أيضا كلمة timetti (المجتمَع) ونشتق منها النعت هكذا:

imettiyan أو amettiyan = اجتماعيّ / مجتمَعيّ.

أتفق معك يا أستاذ هشام أعراب في أنه توجد في الأمازيغية أسماء فاعل تستخدم أيضا كنعوت. مثل ameẓloḍ (المفتقِر، الفقير) و aneggaru (المتأخر، الأخير) …إلخ. ولكن هذه حالات استثنائية أو مَجَازية وهي غالبا متعلقة بالأشخاص أي بالعاقل، لأن الشخص العاقل المتصف بشيء هو عادة فاعله.

الأمازيغية تملك منهجية قديمة لصياغة النعت من مادة الجذر بدون إضافات (مثل awṛaɣ أو ummid) أو بالاشتقاق من الفعل أو الجذر أو الاسم مع إضافة زوائد أهمها an وَ ay في آخر الكلمة كما يلي:

ameqqṛan = كبير. (من الجذر MƔṚ).

ameẓẓyan = صغير. (من الجذر MẒY).

afalkay = جميل / وسيم. (من الفعل ifulki).

الكلمتان ameqqṛan وَ ameẓẓyan ليستا باسمي فاعل وإنما هما نعتان. وقد يبدو لأول وهلة أن ameqqṛan وَ ameẓẓyan يشتملان على أداة اسم الفاعل m في أولهما على غرار amezwaru مثلا، بينما هذا طبعا غير صحيح لأن حرف m في الكلمتين ameqqṛan وَ ameẓẓyan لا يمثل أداة صياغة اسم الفاعل وإنما ذلك الـ m هو ببساطة جزء من الجذرين MƔṚ وَ MẒY. وتمت إضافة الزائدة النعتية an في آخرهما كتطور طبيعي قديم جدا في اللغة الأمازيغية هدفه صياغة النعت.

ونجد في أمازيغية القبايل الجزائرية:

azedgan = نظيف. (من الجذر ZDG).

aẓiḍan [أژيضان] = حلو المذاق / لذيذ / جيد (من الجذر ẒḌ).

afellay = عالي / أقصى (من الكلمة afella).

adday = سفلي / أدنى (من الكلمة adda).

إن اشتقاق النعت الأمازيغي بكتابة an أو ay في الآخر هو المقابل الأمازيغي لياء (ي) النسبة العربية في النعت العربي “مرّيخيّ” المشتق من الاسم “المرّيخ”. وبجانب ذلك توجد في الأمازيغية أنواع أخرى من النعوت نستطيع أن نسميها “النعوت الجذرية” وهي لا تشتمل على أداة النسبة an أو ay في آخرها وتعتمد على مادة الجذر فقط مثل: ummid (كامل)، asemmaḍ (بارد)، azeyrar (طويل)، uɣzif (طويل)، azdad (نحيف)، usdid (نحيف).

ثم تسائلني بطريقة مسرحية ساخرة يا أستاذ هشام أعراب قائلا: “… بلقاسم غضّ الطَّرف عن مسألة نحوية دقيقة كالصفة المشبَّهة باسم الفاعل؟ وهل فعل ذلك قصدا أو عن غير قصد؟ أو أن الأمر الْتبس عليه وطاش سهمه وصار يخبط خبْط عشواء”.

– ردي هو: أنا لم أتطرق لاستعمال اسم الفاعل كصفة لأن هذا الاستعمال حالة جانبية استثنائية. وإنما موضوع مقالي كان يتمحور حول المنهجية القياسية العادية لصياغة النعوت في الأمازيغية بالاشتقاق من الجذور والأفعال والأسماء. ولم أتطرق للنعوت الفعلية لأنها موضوع ثالث يستحق جلسة أخرى.

فالنعوت الفعلية في الأمازيغية هي مثل الآتي (وهناك أنواع وصيغ أخرى طبعا):

adrar yemɣaṛen = الجبل الذي كَبُرَ = الجبل الكبير.

idurar yemɣaṛen = الجبال التي كَبِرَت = الجبال الكبيرة.

aryaz yemɣaṛen = الرجل الذي كَبُرَ = الرجل الكبير.

iryazen yemɣaṛen = الرجال الذين كَبِروا = الرجال الكبار.

tameṭṭoṭ yemɣaṛen = المرأة التي كَبُرَت = المرأة الكبيرة.

timeṭṭoḍin yemɣaṛen = النساء اللواتي كَبِرْنَ = النساء الكبيرات.

والخطأ الرابع الذي ارتكبته يا أستاذ هشام أعراب هو أنك تقترح على القراء هذه الأخطاء الإيركامية الفادحة بلا تفكير نقدي:

aryaz amassan : الرجل العالِم.

arezzu amassan : البحث العِلمي.

أنت بهذا تقترح على القارئ والتلميذ ودارس الأمازيغية الغموض والضباب والتخليط حينما تقول له (وأنت مخطئ طبعا): يا أيها القارئ والتلميذ! إن كلمة amassan قد تعني “عالِم” وقد تعني “عِلميّ”! وعليك أيها القارئ المسكين والتلميذ المسكين أن تقتلع معناها بنفسك من السياق ومن مدلول الكلمات الأخرى المحيطة!

بدل التمييز والتدقيق والتسهيل أنت تقدم للقارئ والدارس والتلميذ مزيدا من المزالق والخلط والضباب. أما تصحيح هذا الخطإ الإيركامي الذي أعجبك فهو كالتالي:

amassan = العالِم.

ussnan = عِلميّ.

بهذه المنهجية الأمازيغية البسيطة يستطيع القارئ تمييز وفهم المعنى فورا بدون التوسل بالسياق وبدون تضييع الوقت في مضغ واجترار الجملة وإعادة قراءتها وقراءة سياقها جيئة وذهابا وطلوعا نزولا.

وتدّعي يا أستاذ هشام أعراب أن كلمة ussnan (عِلميّ) من اختراعي بينما هي كلمة أمازيغية معروفة منذ زمن طويل، ونجدها في قاموس Amawal n Tmaziɣt Tatrart أو Lexique de berbère moderne الصادر في طبعته الأولى عام 1980. انظر الصفحتين 63 و 124 وستجد:

ussnan = scientifique

وخطأك الخامس يا أستاذ هشام أعراب هو أنك تستمر في ليّ عنق الأشياء فتزعم أن tamaddast اسم فاعل ونعت في نفس الوقت فقط لأنه أعجبك ذلك الخلط أو في إطار تبعيتك العمياء للإيركام.

التصحيح هو أن tamaddast اسم فاعل يعني: “المنظِّمة / المرأة المنظِّمة”.

وكذلك amaddas يعني: “المنظِّم / الرجل المنظِّم”.

أما النعت القياسي المشتق من tuddsa (المنظَّمة / التنظيم) فهو:

uddsan = تنظيميّ.

tuddsant = تنظيميّة.

وتواصل يا أستاذ هشام أعراب حملة افتراءاتك علي فتزعم أنني اختلقت واخترعت كلمة tuddsa (المنظَّمة / التنظيم) من خيالي بينما هي كلمة معروفة في الأمازيغية منذ زمن طويل. ونجد هذه الكلمة في قاموس Amawal n Tmaziɣt Tatrart (الصادر عام 1980) في الصفحتين 60 وَ 111 كما يلي:

tuddsa = organisation

ويبدو لي من كل أخطائك وهفواتك وافتراءاتك يا أستاذ هشام أعراب أنك ضحية ضعف اطلاعك في ميدان الأمازيغية خصوصا أنك زعمت مرتين في مقالك بأن “المعجم العربي الأمازيغي” الذي ألفه الأستاذ محمد شفيق هو من منشورات الإيركام! بينما تم نشر هذا المعجم قبل تأسيس الإيركام!

“المعجم العربي الأمازيغي” للأستاذ محمد شفيق نشر في 3 أجزاء في السنوات 1990 وَ 1996 وَ 1999 من طرف “أكاديمية المملكة المغربية” في الرباط، وكتب الأستاذ محمد شفيق مقدمة المجلد الأول عام 1987. أما الإيركام فقد تأسس عام 2001.

وعلى ذكر “المعجم العربي الأمازيغي” لمحمد شفيق، أنبهك إلى الصفحة رقم 444 من المجلد الثالث تحت مادة “وفق” حيث ستجد:

التوفيقية / التحليل التوفيقي في الاصطلاح الرياضي = tuddsa

(ما يسمى في الإنجليزية بـ combinatorics أو combination). ومن الواضح أن كلمة tuddsa المذكورة في القاموسين الأمازيغيين (المغربي والجزائري) مشتقة من الفعل الأمازيغي yeddes (نظَّمَ).

الخلط المتعمد بين النعت واسم الفاعل غير ضروري (بل ضار وهدّام بيداغوجيا) ما دامت الأمازيغية تمنحك حلولا منطقية مريحة تغنيك عن تشويش التلميذ والقارئ. من يزعم أن كلمة taneɣmast اسم فاعل تارة ونعت تارة أخرى فهو يضع العبء على التلميذ والقارئ لينقب عن المعنى في السياق. الأمازيغية تسمح بفصل النعت واسم الفاعل (بشكل يخالف ما هو موجود في كلمة “الصحفي” العربية). فنكتب إذن:

taɣemsa أو taɣamsa أو taffaɣt أو takaṛḍiwt = الصحافة.

aneɣmis أو isali = الخبر.

ineɣmisen أو isalan أو isallen = الأخبار.

aneɣmas أو amekkaṛḍo = الرجل الصحفي.

ineɣmasen أو imekkoṛḍa = الرجال الصحفيون.

aɣamsan = شيء متعلق بالصحافة / شيء صحفي.

aneɣmis aɣamsan = الخبر الصحفي.

amagrad aɣamsan = المقال الصحفي.

وآخر أخطائك يا أستاذ هشام أعراب أنك ادعيت أنني أتناقض مع نفسي حين استعملت بعض أسماء الفاعل التي تؤدّي أيضا وظيفة النعت، في ترجمتي للدستور المغربي إلى الأمازيغية بالحرف اللاتيني.

كل قواعد اللغة لها استثناءات. فمن المؤكد أنه توجد في الأمازيغية أسماء فاعل تستخدم كنعوت. بل وأزيدك أنه توجد أسماء أمازيغية تستخدم مجازيا كنعوت أيضا مثل: Tamaziɣt (الأمازيغية)، Taserɣint (العربية)، Tudayt (اليهودية)، Tameslemt (المسلمة)، Tamasiḥit (المسيحية)، Tinglizt (الإنجليزية)، Tafṛansist (الفرنسية)، Taseppanyut (الإسبانية)، Tagrigt (اليونانية، الإغريقية).

ولكن حين نقوم باشتقاق نعوت جديدة من الأفعال أو من الأسماء فيجب التقيد بالقاعدة الأمازيغية الخاصة باشتقاق النعوت والتمييز بين النعت واسم الفاعل (وأيضا تمييز النعت عن الاسم) لجعل الأمازيغية لغة وظيفية منطقية سهلة القراءة والتعلم على التلميذ وصالحة لوصف العلوم والقوانين بدقة، بدل أن نحول الأمازيغية إلى لغة هلامية كالبصارة أو الحريرة لا رأس لها ولا رجلين وليس لها في العير ولا في النفير يختلط فيها النعت باسم الفاعل وبغيره كما يؤدي إليه نهجك التخليطي التضبيبي المتأثر بالإيركام.

وهذه بعض النعوت الأمازيغية الشائعة التي صيغت بالطريقة القياسية الصحيحة:

ageldan = مَلَكيّ. مشتق من الجذر GLD.

agdudan = جمهوريّ. من agdud (الجمهور) أو tagduda (الجمهورية).

aɣelfan = وزاريّ. من الجذر ƔLF.

azerfan = شرعيّ. من azerf أو azref (الشرع، الشريعة).

adamsan = اقتصاديّ. من tadamsa (الاقتصاد).

asertan = سياسيّ. من tasertit (السياسة).

adelsan = ثقافيّ. من idles (الثقافة).

amaḍlan = عالَميّ. من amaḍal (العالَم، الأرض، الدنيا، البَرّ).

وتتساءل يا أستاذ هشام أعراب عن كيفية اشتقاق النعت من كلمة amuzzu (السماحة، الرحابة). ها هو:

amuzzuyan = سَماحيّ / رَحابيّ.

وهذا الأسلوب معروف في منشورات الأمازيغية حيث نجد مثلا النعت amernuyan (ظرفيّ، بالإنجليزية: adverbial) مشتقا من الاسم amernu (الظرف، بالإنجليزية: adverb).

وأما بالنسبة للكلمة anammas (متوسط، مركزيّ) فقد استعملتها كنعت في ترجمتي للدستور لكونها شديدة الشيوع. أما النعت الاشتقاقي القياسي ammasan (مركزيّ) فهو غير شائع لذلك لم أستعمله.

منهجي ببساطة هو: التقيد ما أمكن بما هو شائع وموجود (بما فيه الحالات الاستثنائية)، ثم ترجيح الصيغ القياسية على الصيغ الشاذة إذا توفرت لنا خيارات متعددة في القواميس والأدبيات، ثم اتباع القواعد الأمازيغية الاشتقاقية الطبيعية عندما نحتاج إلى اشتقاق كلمات جديدة كالنعوت وأسماء الفاعل، ثم الفصل بوضوح بين النعت واسم الفاعل واسم المصدر كلما سنحت الفرصة في إطار قواعد الأمازيغية الاعتيادية.

في ترجمتي للدستور المغربي إلى الأمازيغية بالحرف اللاتيني تجنبت اختراع كلمات من عندي واعتمدت على مجموعة من القواميس من بينها “المعجم العربي الأمازيغي” للأستاذ محمد شفيق وقواميس جزائرية وطوارقية وليبية وإيركامية. وفي مقال سابق لي عنوانه “الدستور المغربي: الترجمة الأمازيغية الكاملة بالحرف اللاتيني” كنتُ قد قدمتُ للقراء لائحة لبعض أهم القواميس التي اعتمدتُ عليها. واستخدمتُ بعض أسماء الفاعل التي يمكن فهمها مجازيا كنعوت مثل amekkaṛaḍ (متعسف/تعسفي) وَ anemmazzu (السمح) وَ anammas (متوسط/مركزي) وهذه أخذتها من معجم محمد شفيق. فأنا أفضل استعمال الحالات الأمازيغية الاستثنائية المَجازية الموجودة في قواميس قديمة معروفة لدى الناس ودارسي الأمازيغية على أن أخترع كلمات جديدة، وذلك لضمان استمرارية اللغة والتقيد بما هو موجود إلى أقصى حد ممكن.

إذن لا يوجد تناقض ولا يحزنون، وإنما أنا أتقيد بما أجده في القواميس والمنشورات الأمازيغية القديمة ولو كان حالات استثنائية أو شاذة أو مجازية. التناقض هو أن أشتق من عندي نعوتا أمازيغية جديدة مخالفة لصيغ النعت الاشتقاقي القياسي فأخلطها بشكل متعمد مع أسماء الفاعل أو أسماء المصدر.

وعلى ذكر الترجمة الأمازيغية للدستور المغربي، ما رأيك يا أستاذ هشام أعراب في الترجمة الإيركامية التيفيناغية المليئة بالأخطاء الفادحة؟ هل أعجبتك؟ هل صدمتك؟

وما هو رأيك في مسألة الحرف وما حدث في يناير 2003 في الإيركام؟

ألا ترى معي يا أستاذ هشام أعراب أنه يجب إدخال اللغة الأمازيغية كمادة إجبارية من الآن في التعليم الثانوي بالحرف اللاتيني دون انتظار تغطية التعليم الابتدائي أولا بأكمله بالأمازيغية؟

فأنت تعلم بالتأكيد أن تلاميذ الثانويات المغربية يتعلمون اللغات الألمانية والإيطالية والإسبانية من الصفر بالحرف اللاتيني وينجحون في ظرف ثلاث سنوات في أن يجتازوا امتحان الباكالوريا فيها.
مبارك بلقاسم -المغرب

tussna@gmail.com