انثروبولوجيابورتريهاتميثولوجيا

صور: عدسة زهرة بن سمرة تقتبس بعضا من روح آوراس

ڨاسمي فؤاد - مدوّن
ڨاسمي فؤاد – مدوّن

“الثقافة الشّاوية” واحدة من أندر المصطلحات استعمالا في المجال الإقليمي والوطنيّ والجهويّ، رغم كونها مصدرا لمادة خامٍ تُعتبر الأثرى، والأكثر إهمالا على الإطلاق، في دزاير، ولعلّ ذلك يرجع إلى عزوف المثقّفين والأكاديميين والباحثين وحتّى النشطاء “المهتمّين” عن البحث فيها أو التدوين، أو حتّى تسليط الضّوء على مختلف جوانبها.

يعرف الشّاوي الوشم جيّدا، أصبح مألوفا، مرتبطا بهويّته، بارزا على جباه وأذرع وخدود وأزناد الجدّات والأمهّات، هي هويّة بصريّة تميّز المرأة الشّاوية، حتّى اليوم، وتسمُ المجال البصريّ المتعلّق بالثقافة الشّاوية، إلى جانب الوسوم المعروفة، في الزرابي والحليّ والفخّار والخزف الشّاوي. في بلاد إيشاوّين، عدى بعض المحاولات، كالصور التي ستشاهدون، تحتضر اليوم واحدة من الأشكال الثقافية الأقدم، والأعرق، في الشّمال الإفريقي، هي : الوشوم الشّاوية.

في هذه الصور، التقطت مصوّرة وكالة رويترز، الدزيريّة زهرة بن سمرة، بعضا من روح آوراس العتيقة، في وجوه ووشوم عجائز زادهنّ الوشم رونقًا. عمل فنّي-صحفيّ، يعتبر واحدا من الأعمال النادرة التي تتناول موضوع الوشوم الشّاوية. ورغم أنّ هذا العمل صحفيّ/فنّي صرف، إلّا أنَّ ما نقلته المصوّرة على لسان النسوة في الصور، تعتبر معطيات خام، غاية في الأهميّة، قد تساعد في رصد خلفيّات الوشم الاجتماعيّة والأسطوريّة، وتفاسيرها، وتساعد الباحثين على فهم أعمق للتقليد العريق، سمحت من خلالها بالتأريخ لشهادات نساءٍ قد لا تكنَّ معنا بعد مدّة، وهو الخطر الّذي يداهم، فعلا، الثقافة الشّاوية.

زهرة بن سمرة، مصورة وكالة رويترز، الجزائر.
زهرة بن سمرة، مصورة وكالة رويترز، الجزائر.

أغلبيّة النّسوة اللائي حاورتهنّ زهرة بن سمرة، صرّحن بأنّهن وضعن الوشوم، لأنّهنّ أردن أن تكنّ جميلات. كان ذلك رائجا، كان مسايرا للموضة قالت إحداهنّ. إحداهنَّ وضعت وشوما ابتغاء الخصوبة، وهو اعتقاد شائع في بلاد إيشاويّن. هي شهاداتٌ قد تحفّز باحثا ما، في مكان ما، ذات يوم، على التنقيب في هذا المجال الغامض الثريّ، الهامّ جدّا من الثقافة الشّاوية، ذات الجذور الضاربة في عمق التّاريخ، والّتي تسجّل وتحمل إلى اليوم، قبسا من تاريخ بلاد إيشاويّن وشمال إفريقيا بين طيّاتها، وتنتظر من يكشفُ عنها.

أغلب العجائز اللّائي حادثتهنّ زهرة بن سمرة، أيضا، ندِمنَ على وضعهنّ للوشوم. لأنّ “أحدهم” أخبرهنّ أنّه “حرام”، وأنّ عليهنّ “الكفّارة”، وكذلك فعلن؛ تصدّقن بحليّهن الفضيّة الثمينة، للتكفير عن “الذنب” الكبير الذي ارتكبنه، كما أفهمهن من تصفهم زهرة بن سمرة بالمتديّنين.

لا يخفى على أحد، أنَّ جمعيّة العلماء المسلمين حاربت جوانب كثيرة في الثقافة الشّاوية، وحرّمت على أتباعها الاحتفال بأعياد تقليديّة كـ: ينّار، ومغرس، وثيفسوين. وساهمت مساهمة مباشرة في الحرب على اللباس الشّاوي النسوي “ثملحفث”، بحجّة “السفور، وحاربت بكلّ قواها الوشم والفنون البصريّة الشاوية العريقة. ليواصل اليوم، مستوردوا التديّن حرب جمعية بن باديس، على كلّ ما له علاقة بالثقافة الشّاويّة، من أجل فتح الطّريق أمام استيراد ثقافة الرّمال، وتنصيب إمارة نجديّة، في قلب الشّمال الإفريقيّ.

الصّور، بعدسة : زهرة بن سمرة

عيشة جلّال، 73 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 25 سنة.
جنّا بن زهرة، 74 سنة. وضعت الوشوم وعمرها 9 سنوات.
فاطمة حدّاد، 80 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 18 سنة.
فاطمة بدر الدّين، 94 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 13 سنة.
خميسة هقالي، 68 سنة.
مازوزا بوقلادة، 86 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 7 سنوات.
جمعة داودي، 90 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 15 سنة.
فاطمة بنيدير، 75 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 12 سنة.
خضرا قابسي، 74 سنة، وضعت الوشوم وعمرها 21 سنة.

نشرت الصّور لأوّل مرّة في مقال : Algeria’s tattoos of beauty على موقع وكالة رويترز

باسم عابدي

مهتم بالتاريخ بصفة عامة، أطلقت "المكتبة الرقمية الأمازيغية" سنة 2013، وهي مخصصة لتاريخ وثقافة الأمازيغ. وساهمت سنة 2015 في تأسيس "البوابة الثقافية الشاوية"، المعروفة بـ إينوميدن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى