أقلام حرّة

في ذَم “الشاوي و لكن”

إنها فئة من الشاوية يخجلون من إنتمائهم إلى أرض الأوراس  ,فهُم شاوية مع وقف التنفيذ . يقول الواحد منهم : ” أنا شاوي لكنني ضد تدريس الأمازيغية ” أو ” أنا شاوي ولكنّني غير معني بالدفاع عن الشاوية” أو ” أنا شاوي و لكنني داعشي “. و كأنهم مصابون “بعقدة الأهالي” (الآنديجان) يستدركون انتماءهم إلى الأمة الشاوية بالتبرؤ منها .
و لقد أفرط في إستعمال هذه العبارة مُنظّر العروبة “عثمان سعدي ” الذي كان يقول في معرض سرده لنظريّاته  السخيفة :  ” أنا شاوي ولكنّني عربي أصيل ” . و هو يصرّح بإنتماءه الشاوي (المشكوك فيه أصلا) فقط من أجل أن يشرعن لنفسه الخوض في أصول “البربر” و نسْبهم إلى اليمن .
أتذكر سنة 2014 عندما خرج آلاف الشباب في شوارع المدن الشاوية مندّدين بالمزحة المسيئة للوزير الأول آنذاك عبد المالك سلّال عندما قال “شاوي حاشا رزق ربّي ” , استقبلت إحدى البلاطوهات الموالية للنظام  أحد هؤلاء ” الحركى” و الذي قال في مستهلّ حديثه ” أنا شاوي لكنني لم أشعر بالإهانة !” : فهو شاوي لكنّه لا يملك كرامة. نعيمة صالحي و زوجها اكتشفا مؤخرا أنهما شاويان بمحض الصدفة (أنظر مقالنا هنا) .فلم يسبق لنا أن سمعنا نعيمة صالحي  تدافع عن الأوراس أو تُطالب بمشاريع تنمية لهذه المنطقة المنكوبة , لكنّها تستعمل إنتماءها  الشاوي فقط من أجل شتم القبائل , غير ذلك هي تنتمى إلى “سلالة الأشراف العرب”. نعيمة صالحي و زوجها بإنتهازية سياسوية يستعملان انتمائهما الشاوي  كدرع يحتمون وراءه لكي يطلقوا أسهمهم العنصرية ضد القبائل .
فالشاوي ” ولكن” لا يشعر بإنتماءه إلى أرض الأوراس ولا يرى أنه مُلزم بالدفاع على سكّان هذه المنطقة و هو لا يصبح شاويّا إلّا تحت ظروف استثنائية  تقتضيها أحداث خاصة , فالإنتماء الشاوي هو الشمّاعة التي يُعلّق عليها البعض فشله  و إفلاسه , و هو درعٌ يحتمي به البعض الآخر عندما تتقطّع بهم السبل  و هو طوق النجاة في حالات كثيرة أخرى .
و يوجد صنفٌ آخر من هؤلاء “الأهالي” يستحقّ أن نشير إليه كذلك و الذي نرى فيه ضحية غير واعية لسياسات التعريب المنتهجة منذ الإسقلال , إنّه : “الشاوي ولكن …خاطيني” (شاوي ولكنّه غير معني بشاويته ) . هذا الصنف يملأ الحواضر الكبرى لبلاد إيشاوين  كباتنة , عين البيضاء , تبسة , أم لبواقي ….  وغيرها . أغلب ” الشاوي ولكن…خاطيني ” من النخب المتعلمة التي لا تُناصب العداء الصريح لهويتها الشاوية ,لكنّها  نتاج لهوية منحرفة، مأزومة ومغتربة عن حقيقة ذاتها .
لا يستطيع هذا الصنف المُستلب أن يتصور ثقافة شاوية خارج “السياج الفلكلوري” الذي رسمه النظام لهذه الثقافة و التي تُختزل في ” قصبة وبندير و طبق رْفيس” . أما نظرته للتاريخ فمازالت لم تتخلّص بعد من ” البنج النوفمبري ” .
في حالات أخرى كثيرة ينتحل أشخاص غرباء عن الأوراس صفة الشاوي لكي يسيئوا للمنطقة , فنسبة معتبرة من القائلين “أنا شاوي و لكن” على شبكات التواصل الإجتماعي بغية الإنتقاص من الثقافة و اللغة الأمازيغية , ليسوا شاوية أصلا .

” أنا شاوي لكنني…لست شاوي “

و الحقيقة أن” الشاوي و لكن”  ما هو إلّا أداة في يد تيارات و إيديولوجيات  غريبة  لكي تمرر من خلاله أجنداتها التي تتعارض  دائما مع مصلحة الأوراس و سكّانه . إنه من الضروري اليوم كشف هؤلاء المدّعين  والرد عليهم في كل مرة يستعملون إسم ” الشاوية” لتنفيذ مخطّطاتهم القذرة على وسائل الإعلام و شبكات التواصل الإجتماعي .
يجب إعتبار كل من يلحق حرف الإستدراك ” لكن” بكلمة “شاوي” كأفّاك و منتحل صفة .  فالشاوي الحقيقي لا يربط إنتماءه إلى هذه الأرض الطاهرة  و هذا التاريخ العريق بأي شرط . إنّه “شاوي ذاين” :  شاوي و فقط .

يوغرطا حنّاشي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى