سياسة

الوقفة الاحتجاجية السلميّة بـ بغاي، تثير رعب الإدارة!

من زوايا بلاد إيشاويّن الأربعة، حج عشرات النشطاء والمثقّفين والفاعلين الجمعويين يوم أمس، السبت 20 أوت 2016، إلى بغاي، عاصمة جلالة الملكة “ذايا”، تلبيّة لنداءات أطلقها نشطاء من مختلف ولايات آوراس الكبير، للوقوف بطريقة سلميّة منظّمة، احتجاجا على العمل التخريبيّ الذي طال تمثال “الملكة” بوسط مدينة بغاي.

من خنشلة، باتنة، أم البواقي، تبسّة، وبسكرة … توافد النشطاء منذ الصباح على مدينة بغاي وتجمّعوا أمام تمثال الملكة، الذي تمت إعادة “ترميمه” بطريقة ترقيعية من قبل مصالح البلديّة، معبّرين عن امتعاضهم الشديد من الحادث، ومستغلّين الفرصة لإثارة مواضيع حسّاسة تتعلّق أساسا بمدينة بغاي، وولاية خنشلة، وكامل بلاد إيشاويّن. الوقفة التي لاقت صدى واسعا على شبكات التواصل الاجتماعيّة، وفي أركان الإدارة بولاية خنشلة، لاقت اهتماما كبيرا من ساكنة بلديّة بغاي، الذين كان كثير منهم، متوجّسا خيفة من النشطاء.

أسئلة كثيرة وجّهت، بنبرات غاضبة ومتشككة، من قبل سكان بغاي للنشطاء الوافدين عليها، تمكّن النشطاء الشباب من احتوائها والإجابة عنها، وطمأنة المتشككين بأنّ الوقفة ليست إلّا تعبيرا عن التفاف إيشاويّن حول رمزهم وملكتهم الخالدة، وبأنّها أيضا مناسبة لطرح عديد من الانشغالات، بطريقة جديدة، خارجة عن إطار “المطالب” التي تعوّدت الإدارة على تلقّيها في بيانات مهادنة. وهو ما لمسته مختلف أجهزة الدولة على مستوى الولاية، وأجهزة المتابعة على المستوى الوطنيّ، في البيان شديد اللهجة الذي أصدره نشطاء إيشاويّن تعليقا على الحادثة.

هذه المرّة، ومع الرّعب الّذي أثاره، في أوساط الإدارات المسؤولة، حراك النشطاء في مختلف الولايات استجابة لنداء “الملكة”، استعملت أطراف “منظّمة” تقنيّة معروفة في إثارة الفوضى عبر تحريض السّكان على النشطاء الذين وصفتهم بعض الأبواق بالـ”كفرة” و”الإنفصاليين” وأرباب “الفتنة”، ما خلّف صورة سلبيّة لدى سكان بغاي، بدت واضحة في ردود أفعال البعض على الوقفة الاحتجاجية.

ضبط النّفس، كان في “أقصاه” بين النشطاء الوافدين على بغاي، الذين تناقشوا مع كثير من المواطنين وأقنعوا أغلبهم بسلمية وشرعية الوقفة التي صاحبها بيان، صريح وشديد اللهجة، موجّه للسلطة، تمحور حول الوضعيّة الاقتصادية المزريّة التي تعانيها بغاي، والكنز المطمور تحت ترابها والذّي كان ليكون مصدر رزق ورفاهية للبلديّة لو تمّت تهيئته، واستغلاله، وتحويله إلى قطب سياحيّ يجذب الزوار، ويخلق مناصب شغل، وحركيّة تجاريّة وسياحيّة في المنطقة ككل.

البيان الذي تلقّى موقع إينوميدن نسخة منه، خاطب “جميع دوائر السلطة” ومختلف “مستويات المسؤوليّة”، مباشرة، وبلهجة شديدة، مطالبا إيّاهم بـ”تحمّل مسؤوليّاتهم” و”ممارسة مهامّهم”. خاصّة رئاسة الجمهوريّة والوزارات المعنيّة، ملزما إياهم بالتدخلّ العاجل “من أجل استحداث برنامج تنميّة شاملة في مجال السياحة التاريخية، في مدينة بغاي خاصّة، وولاية خنشلة وبلاد إيشاويّن عامة” ومطالبا “بتحويل موقع “قصر الكاهنة” إلى هيكل سياحيّ يساهم في التنمية بالمنطقة، وأن تدرج مدينة باغاي خاصّة، وولاية خنشلة عامّة في مخطط عاجل للتنميّة الاقتصاديّة يشمل السياحة التاريخية والأثريّة، ويركّز عليها. يتضمّن ذلك، تحسين الهياكل الحاليّة وبرمجة استحداث الإنشاءات والهياكل والبنى التحتيّة اللازمة للاستثمار السيّاحي في مدينة باغاي خاصّة، وولاية خنشلة عموما”.

ليختم بمناشدة “مواطني بلدية بغاي، وجميع النشطاء والإطارات والفاعلين والمثقّفين الحاضرين في الوقفة، والمهتمين بالشأن؛ الالتفاف حول هذه المطالب الشرعية المطروحة بطريقة حضرية وسلميّة، والمطالبة بها والعمل على نقلها إلى أعلى المستويات”.

وسط توتّر ساد الوقفة بين النشطاء ومواطنين من مدينة بغاي، صاحبته عمليّات شحن على المباشر، من أفراد “مجهولين” لدى الطرفين، ضد الوقفة والمشاركين فيها، وعمليّة اختراق واضحة من قبل “جهات منظّمة” عملت على توجيه الجمع الغفير الذي التف حول التمثال، لسماع البيان، وشحنه، وأخيرا المناورة لإنهاء الوقفة بفوضى عارمة، قبل أن يتلى البيان، الذي كان من الواضح، أنّه المستهدف بالعمليّة بأكملها.

مشاحنات طفيفة بين النشطاء وبعض المواطنين، وبعض الأفراد المجهولين للطرفين، أنهت الوقفة التي استطاع منظموها تدارك الوضع واجتناب “كارثة” حقيقية كانت على وشك أن تقع، لولا حنكة وديناميكية النشطاء والعقلاء من شباب مدينة بغاي.

إينوميدن.كوم

باسم عابدي

مهتم بالتاريخ بصفة عامة، أطلقت "المكتبة الرقمية الأمازيغية" سنة 2013، وهي مخصصة لتاريخ وثقافة الأمازيغ. وساهمت سنة 2015 في تأسيس "البوابة الثقافية الشاوية"، المعروفة بـ إينوميدن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى